Tuesday, February 26, 2013

الغشاء المقدس

ملحوظة: نشر هذا المقال فى العدد السادس من مجلة 7 أيام.

هل تساءلت يوما كشاب عربى ماذا لو أختك أو زوجتك –قبل الزواج- غير عذراء؟ غير ممكن؟

اذكر مقولة الدكتورة نوال السعداوى فى العديد من كتبها اهمها "المرأة والدين والأخلاق" ان عذرية الفتاة أهم عند المجتمع العربى من أخلاقها وعلمها ومكانتها. فالكل مهتم فقط بنقطة الدم التى تنزف منها ليلة الزفاف، وكأن هذا دليلا على أخلاقها الرفيعة وعلى تربيتها القويمة.. وهو ما يأخذنا إلى النظر إلى المجتمعات العربية بأكملها ولا استثنى منها احدا، نجد ان معظم ما يتغنّى به الرجال والشيوخ وغيرهم هو شرف الفتاة والمرأة..

مدى الإهتمام الكبير بعذرية الفتاة ما هو إلا إنعكاس بسيط جدا لمدى تخلف وجهل المجتمعات العربية بأهمية المرأة وقصر نظرتهم للنساء على جسدها وعلى شهوتهم تجاهها. فنجد الأفلام العربية كلها من أهم مشاكلها الفتاة التى استغل براءتها الشاب تحت غطاء العلاقة العاطفية وقطف أحسن ما فيها وهى عذريتها، وايضا الدراما العربية التى لا تخلو من الدموع بسبب إغتصاب الفتاة وفقدها لأعز ما تملك ويدور المسلسل بأكمله حول كيفية التستر على تلك الفضيحة من وجهة نظرهم.

وأصبح الشغل الشاغل لكل فتاة عربية هو الحفاظ على ذلك الغشاء الرقيق الذى يعكس نتيجة تربيتها السليمة، وأصبح بالدور شغل الشباب العربى هو البحث عن ذلك الغشاء الذى يثبت براءة زوجته وحسن إختياره لعروسه، وبالتالى اصبح معظم الشباب بلجأون لأمهاتهم لثقتهم فى إختيارها ليس للعروس ولكن لضمانة وجود الغشاء فقط! وغفل عن أذهان الأسر العربية وشبابها ان الفتاة ممكن ان تمارس المعاملات الجنسية دون أن يعرف أحد منهم، خاصة مع وجود العمليات "الترقيع" لإعادة عذرية الفتاة وأيضا الإختراعات الصينية الجديدة التى تضمن نقطة الدم المقدسة حتى لو كانت الفتاة غير عذراء.

ومن سخرية تقديس ذلك الغشاء أيضا، هو حصول الفتيات اللاتى يلعبن الجمباز والباليه والفروسية والدراجات أيضا على شهادة من النادى والإتحاد بإمكانية فقدان عذريتهم نتيجة لممارستهم لتلك اللعبة! وكأن تلك الشهادة هى الضمانة الأولى والوحيدة فى تبرءة نفسها وأخلاقها أمام زوجها وشريك حياتها. ولا نغفل أيضا ذكر النظرة الدونية للمطلقات كأنهم "فرز ثانى" لانهم لا يتمتعون بالغشاء المقدس.

ولكن ماذا لو أصبحنا نحن جميع فتيات الوطن العربى غير عذراوات؟

 ماذا لو لم يكن هناك غشاء بكارة؟

 لو لم يكن هناك دليلا قاطعا على عذرية الفتاة؟

 كيف كان سيختار الشاب العربى شريكة حياته؟

وقتها ستتساوى نظرة المجتمعات للمرأة بالرجل، فالمجتمع يفكر في الرجال من ناحية التفوق المهنى والدراسى والإجتماعى أولا، لأن لا يوجد دليل مادى على ثبوت بتولته، وبمساواة المرأة بالرجل فى تلك المسألة سيكون العامل الأول الذى سيفكر فيه الشباب العربى عند إختيار شريكة حياته هو الرقى الفكرى والإجتماعى والمهنى، ومدى توافقها مع أحلامه. وهو بالضبط ما يحدث فى المجتمعات الغربية عند الزواج، فالإنفتاح الجنسي فى الغرب جعل من عذرية الفتاة من عدمها مسألة تافهة لا تستحق النظر إليها بالنسبة لتفكيرها وعقلها وإستقلالها بكيانها فى المجتمع.

 ومن ملامح الإزدواجية فى تفكير الشباب العربى "الحمش" أنه يقبل بكل سلاسة فكرة الزواج من أجنبية غير عذراء! عشان بس "أجنبية" ولا يشغل تفكيره وجود الغشاء فى تلك الحالة من عدمه، إلا أنه على الجانب الآخر لا يطيق تقبل فكرة ان تكون زوجته "العربية" أو أخته غير عذراء..

وهو ما يدعو للتساؤل عما سيكون رد الفعل إذا قمنا كفتيات بفض غشاء بكارتنا المقدس – دون ممارسة جنسية- كلاعبات الباليه والجمباز والفروسية..

لن نزنى، لن نتعدى على الدين.. بل سنتعدى على الجمود الفكرى المحاط بإناث المجتمعات العربية.. سنتعدى على الأصنام التى صنعتها أمراض نفسية لمجتمعات فضّلت النفاق والرياء عن الشرف والأخلاق..

دعونا كفتيات نتخلص من تلخيص نظرة مجتمعاتنا العربية على قصر الشرف فى الجزء الأسفل من جسدنا بدلا من عقولنا.

دعونا كفتيات نتخلص من غشاء الجهل الذى لم تنجح الكتب والدعوات والإنفتاح فى خرقه..

Monday, February 18, 2013

ميـرنـاتـشـى


"احب ان اصمم ازياء انثوية واحب ان اساعد النساء ان يبدين جميلات"

"الملابس لا تجعلك جميلة.. أنتِ دائما ما تجعلين اي ما ترتدينه يبدو جميل.. حتى لو ارتديتى فستان واسع من القش الخشن!".

المقولة الأولى قالها جيانى فيرزاتشى مصمم الازياء الشهير..

أما المقولة الثانية قالتها جدتى.. طب بذمتك أصدقك ولا أصدق تيتا يا جيانى؟

العقل بيقول صدقى جيانى، والقلب بيقول صدقى تيتا.. الحقيقة إننى لا صدقت العم جيانى ولا صدقت تيتا.
أنا صدقت اللى أنا عايزة اعمله، اللى هيريحنى.

ليه أمشى ورا موضة لما ممكن ابقى أنا الموضة؟

الفكرة ليست فى الإختلاف لمجرد الإختلاف، الفكرة كلها فى أن تكون أنت ايا كان ما سترتديه، أصدقائى المهووسين بالموضة والفاشون دائما ما يقولوا لى المقولة الشهيرة ان الموضة تؤلم، من الكعوب العالية إلى الفساتين الضيقة الخصر تكتم على نفسك.

أعمل كده ليه فى نفسى؟

ليه ألبس كعب عالى وأمشى على طراطيف صوابعى لما ممكن البس كاوتش أو كروكس؟

الكروكس فى حد ذاته إختراع القرن الواحد وعشرين فى نظرى، عد معايا: مريح، سريع اللبس، لو اخترت لون حلو هيليق على كل هدومك، ينفع فى شتا او صيف.. شتا هتلبس تحتيه شراب صيف هتنزل بيه عادى كده، متعدد الإستخدامات.. خروج ماشى، بيت مش هيقول لأ، رايح البحر مش هيدخل رملة.

خطوط الأزياء فى نظرى هى منتهى الكليشيه.. خط أزياء الربيع أو موضة صيفية معينة فتجد كل فتاة على خريطة جمهورية مصر العربية ترتدى نفس ستايل الملابس.. وهو ما يجعل النساء تتشابه عليك كجمهورية الصين الشعبية.

وأصبح للأشخاص إسطمبات فالفتاة المصرية المحجبة أصبحت عبارة عن 500 طرحة فوق بعض مع بعض الكرانيش الكارينية وانتشرت قصّات شعر كريستيانو المتميزة بالتخفيف على الجانبين وهو التطور الطبيعى للكابوريا المصرية.

ولا ننسى بلوفر عمرو دياب فى تملى معاك.. البندانا الخاصة بتامر حسنى، حواجب مايا دياب.. كلها إسطمبات لا تتغير طبقا لمفهوم الموضة، ومن منّا لم تزغلل عينيه بألوان الصيف الملقبة بالنيون.. نيون هنا ونيون هناك، كالار فستيفال!

ودليل على الكلام السابق ذكره، أن المصممة الشهيرة كوكو شانيل عندما قررت إفتتاح خط الأزياء الخاص بها بحثت عما عو غير مألوف وكليشيه فى المجتمع وقتها، فصنعت خط أزياءها من أنواع القماش الرخيصة الثمن لتجعل السيدات أصحاب الأزياء الراقية يبدون كنساء طبيعيات لا يبدين عليهم الرقى اللذى كان سائد فى تلك الطبقة.

وأصبح بالفعل يوجد مصطلح رسمى وهو Anti Fashion، مثل الطريق الذى سلكته كوكو شانيل وهو مصطلح تبنوه الكثير من كارهى الكليشيهات المعتادة فى عالم الموضة والفاشون.

ومن ثم جاء الميرناتشى من بعيد ليقتحم عالم الأزياء مثلما إقتحمته كوكو شانيل، لتغيير الواقع.. فموضة الميرناتشى هى موضة "بس إنت.. إنت وبس" مثلما قالت السيدة فيروز فى البومها الأخير.

فمبدأ الميرناتشى ان ترتدى ما يحلو لك فى أى وقت فى اى مناسبة، مع عدم الإفراط فى العشوائية، كل ما هو يريحك جسديا ونفسيا والذى بدوره سينعكس عليك أنت فى شخصيتك بدلا من إصطناع ما هو غير معبر عنك.

خُلق كل شخص بشخصية مختلفة عن الآخر، ليه نبقى شبه بعض؟ أين شخصيتك التى تفرضها على الآخرين؟

الموضة تتغير كل يوم على أهواء مصمميها، لكن أنت لا تتغير، فصدق من قال "أستك ولا بلاستيك"  فالأستك يمكن تشكيله على حسب ما سوف تضعه فيه، أما البلاستيك هو شكل واضح وثابت لا يتغير إلا بكسره مثلا!

الإنطباع الأول الذى يؤخذ عنك هو من أسلوبك فى اختيار ملابسك.. فأنت ترى الشخص اولا وتتفحصه بعينك ثم تتحدث معه، وهو ما يجعل ملابسك وستايلك هو العامل الرئيسى لتكوين الفكرة الأولى عنك لمن حولك.

لن أرتدى ما يعجب الناس فقط لكى ارضى شخصا اخر غيرى، انا اللى بتحشر فى اللبس مش هما! انا اللى رجليا بتوجعنى من الكعب العالى مش هما برضه! يبقى ليه؟ إيه المبرر؟

"الموضة هى ما تتخذه كأسلوب عندما تكون تائها لا تعرف من أنت" قالها الكاتب الإنجليزى كانتين كريسب.. صدق كانتين وتاه العديد ثم مات المصريون جميعا من الموضة المفرطة.

Saturday, February 16, 2013

قصة حياة قصيرة

نشر هذا المقال فى العدد الرابع من مجلة 7 أيام.

إستيقظت من نومي كالعادة منكوشة الشعر وبعين واحدة أبدأ اتحسس معالم غرفتي الضبابية.. صحب نهوضي من فراشي تهليلات وتكبيرات صامتة مني.. تعودت على عدم إستيعاب عقلي في الساعات الأولى من الصبح قبل كوب القهوة بالحليب..

صمت يسود الشقة، لا أعلم إذا يوجد أحد من عائلتي بها، اخرج للشرفة فأجد أمي تتحدث في الهاتف المحمول كعادتها الصباحية.. كثرت تجاعيد وجهها على غير العادة، ربما لم تضع مكياجها بعد، ولكن تجاعيد وجهها ظهرت على غير المعتاد.. قبلتها على جبينها ولكنها كانت منفعلة في مكالمتها مع احد الأشخاص، فلم تشعر بقبلتي.. سألتها عن كوب قهوتي فلم تجب أيضا.. لا أمل منها وهي تتحدث في هاتفها..

اذهب إلى غرفتي وأرتدي ملابسي على عجلة من أمري كعادتي، فأنا دائما متأخرة في مواعيد عملي.. اتقفد هاتفي لأرى كم عدد مكالمات رئيسي الذي اظن انه يسب في حاليا بسبب تأخيري الذي اعتاده. لا توجد مكالمات.. فقط رسائل من أشخاص على غير العادة، لم يتذكروني منذ مدة خاصة بعد إبتعادي عنهم بعد إنغماسي في عملي..

نزلت من الشقة ومازالت أمي تتحدث في الهاتف فلم تعي إنتباها لنزولي.. دخلت الأسانسير، يتوافد الجيران إلى الأسانسير ويزدحموا على غير العادة حتى كدت اصبح "بوستر" على المرآة.. خرجت متأفئفة حتى نسيت ان اصبّح على عم عادل..

وقفت في الشارع منتظرة تاكسي، أكره رحلتي في البحث عن تاكسي في ظل زحام شارع صلاح سالم الخانق.. يقف الأتوبيس وينادي الصبي "رمسيس رمسيس" وأنا ارد كالعادة "لأ شكرا".. لا يتوقف عن إلحاحه في كل مرة!

يمر بجانبي شاب يتوقف ليسألني عن طريق للكوربة.. اشرح له الطريق، وجهه مألوف جدا ولكني لا أتذكر أين او متى قابلته..

توقف تاكسي اخيرا، ولكنه وقف لسيدتين ذاهبتين للمهندسين على حظي.. ركبت مسرعة في التاكسي رغم إمتعاضي من وجود زبائن غيري في تاكسي ابيض! لا يهم.. اي مخروبة توصلني الشغل بسرعة وخلاص.

وصلت لمكتبي بعد زحام غير طبيعي على كوبري 15 مايو.. دخلت مكتبي لأجد فتاة لا اعرفها جالسة على مكتبي! كل ما دار بذهني ان انفجر في وجهها "إنتي مين إنتي كمان وإيه اللي مقعدك هنا؟".. إلا إني وجدتني اتحدث إليها بعفوية غاضبة "صباح الخير!!".. طبعا ضاع صباحي مع وجود سماعاتها في أذنها.. حتى ملعبي الأخضر "الهاند ميد" لم أجده على حائطي.. انا إترفدت ولا إيه؟ رئيسي في العمل لم يأت بعد.. لملمت اشيائي بسرعة ونزلت من المكتب وعفاريت الدنيا بتتنطط في وشي.. دي مين دي عشان تقعد على مكتبي من غير لا إحم ولا دستور؟

قررت الرجوع لمنزلي حتى اتحاشى الصدام مع اي مخلوق.. أفتح باب الشقة بعنف حتى كاد المفتاح ان ينكسر في "طبلة" الباب.. أدخل الشقة لأجد أمي جالسة على أريكة الصالون وتبكي بحرقة لم اراها يوما.. جلست بجانبها متسائلة "مالك؟ حصل إيه طيب؟".. همهمت والدتي بكلام غير مفهوم"..هل هي هرمونات صباحية؟ لم تكن أمي يوما عاطفية لهذا الحد.. لم أهتم..

اذهب لغرفتي في هدوء وتركت أمي مع أحزانها التي لا استطيع تحملها وسط غضبي وإحتقاني من رئيسي ومن الفتاة اللولبية التى اقتحمت مكتبي بدون علمي..

أتذكر اخيرا الشاب الذي سألنى على طريق الكوربة.. إنه أحمد، جارنا الذي تعرض لحادثة مفجعة الاسبوع الماضي وأنا تحت بيتي عائدة من عملي بعد مكوثي في التاكسي ساعتين بسبب حادثته.. اغمغم ممتعضة "طب والله كويس إنه طلع سليم.. زي القرد اهو.. ماخدتش منه غير العطلة بس". يرن هاتفي، احاول الرد على المكالمة ولكن لعن الله التليفونات التاتش.. التليفون علّق.. 

أفتح حسابي على فيسبوك لعلي ارى ما يبهجني في هذا اليوم المقندل.. اجد معظم أصدقائي وقد اتشحت صور "البروفايل بيكتشر" خاصتهم بصورة مصاحبة بشريطة سوداء.. خير!! شهيد تاني؟ الناس بقت حساسة وثورجية فجأة ليه؟

أفتح بروفايل "شادي".. فأجده واضعا صورتنا انا وهو على قهوة في وسط البلد، إبتسمت اخيرا.. أفتح الصورة لأجد تعليقه.. "وحشتيني".. أسرع خارج غرفتي لأطلب من أمي تحضير الطعام.. أقترب منها أكثر لأجدها ممسكة بصورة ولا تكف عن البكاء..

تسّود الألوان من حولي بسرعة ليغشى عليّ في منتصف الشقة.. غالبا بسبب قلة الأكل.

لا أشعر بنفسي إلا وأنا في مكان ضيق ويتواري التراب عليّ وصوت قرأن يتعالى.. ثم أخذ الصوت يخفت رويدا رويدا حتى اختفى تماما.. وجدتنى واقفة فى الفراغ لأجد أحمد جارنا بجانبي يهمس لي مبتسما بحنية "ماتخافيش.. انا مريت بكل ده الأسبوع اللي فات.. ماتقلقيش، إن شاء الله تكوني جارتي كمان فوق"..

Saturday, February 9, 2013

بلا حقوق بلا خرا

ملحوظة: نشر هذا المقال فى العدد الثالث من مجلة 7 أيام.

قال الرئيس الأمريكى أوباما فى جزء من خطاب فوزه بولاية ثانية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية:
"نحن أغنى دولة على الأرض، ولكن أموالنا ليست سبب ثرائنا..
نحن أقوى دولة على وجه الأرض، ولكن ليست قواتنا المسلحة سبب قوتنا.
نحن لدينا جامعات يقصدها راغبو العلم من أنحاء دول العالم ويحسدنا عليها العالم، ولكنها ليست سبب مجىء المهاجرين إلينا.. إن سبب ثرائنا وقوتنا ورغبة الكثير من شتى بقاع الأرض فى الانضمام إلى مجتمعنا هو وحدتنا، وتنوع طوائف مجتمعنا فى ظل ثقة عميقة وإيمان أعمق بالحرية والمساواة وتكافؤ فرص النجاح لمن يرغب فى العمل الجاد والاجتهاد، فلا يكون هناك تفرقة بين أبيض أو أسود، رجل أو امرأة.. تلك هى قوتنا وثراؤنا
".


وعند سؤال مذيعة مصرية لرجل عجوز عن التمثيل النسائى فى البرلمان كان رده:
"أنا عايز أتكلم بس فى نقطة أهم، بلا مرأة بلا خرا.. أناشد رئيس الهيئة بدل ما هو قاعد يقوم يتنيل يشوف الأتوبيسات، أمك قاعدة تلات ساعات أبوك قاعد ساعتين، حرام عليك خلّى عندك ضمير، شوف الأتوبيس وشوف الناس الغلابة، فاتح ولا قافل يا ولا؟ - موجهًا كلامه للكاميرا مان- قوم اتحرك واتنيل على عينك وعين اللى جابك، الأتوبيس بياخد تلات ساعات وإحنا قاعدين مستنيينه وبعدين عايز تتنيل تبقى زى حسنى ولا ألعن منه؟ بس يا اختى كفاية كده أوى!".
وقفت عند كل من الكلمتين.. كلمة الرجل العجوز المصرى وكلمة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

واكتشفت أن بلا مرأة بلا خرا فعلاً!

حقوق المرأة التى تناشد وتنادى بها السيدات ما هى إلا مشكلة ضئيلة من مشاكل المجتمع ستحل تباعًا لحل المشاكل المتصلة بمشاكل المجتمع الجوهرية الأخرى.. وهل مشكلة المرأة ليست جوهرية؟

حقوق المرأة لن تجدها فى مجتمع مازال يتاجر فى العبيد.. عبيد إيه؟ الرقيق وسوق عكاظ خلصوا من زمان، الحقيقة إنهم مخلصوش ومش هيخلصوا.

مازلنا حتى الآن نصدر ثروتنا البشرية إلى دول الخليج، كى يعملوا سائقين لذوى المقام الرفيع من الأسر السعودية، فقط بحثًا عن المال.

مازالت النساء والأطفال فى الأرياف يشحنون على "عربيات نص نقل" صيفًا وشتاءً فى الفجر، ويساقون كالأغنام على الأراضى الزراعية ليجنوا المحصول ويحرثوا الأرض.

مازال الأطفال يعملون بعد وقت المدرسة لكى يساعدوا عائلتهم فى توفير نفقاتهم الشهرية.

والحقيقة، أنه لم يأخذ أحد فى هذا العالم حقه إلا بالصراع.. صراع حياة أو موت كى يأخذ حقوقه كاملة، فى حين أن النساء لم يصارعن.. إلا صراعات لشخصيات فردية فى العالم العربى.

لم تثبت أى من النساء قدرتها على إدارة هذا العالم الذى تطلق على نفسها أنها نصفه.. فعلى الرغم من وجود أكثر من 50% سيدة معيلة لأسرتها فى مصر، فإنهن لم ينتفضن مطالبات بحقوقهن التى تفرضها عليهن مسئوليتهن.
لم ينتفضن، بل قررن أن يجلسن ليشاهدن نساء أخريات يصارعن ولا يفعلن شيئًا إلا التعاطف معهن.. أو بـ"شير فى الخير" على صفحات فيسبوك وتويتر.. فلم تتحرك النساء فعليًا فى مصر لكى يثبتن أنها فعلا نصف المجتمع، أو أنها قادرة على تولى نفس مهام الرجال فى كل مجالات الحياة.. بل منتظرات مادة فى الدستور تعطى لهن أبسط حقوقهن ألا وهو الحق فى العمل مثلا!

أعطى الدكتور محمد مرسى وعدًا بأن يكون أحد نواب الرئيس امرأة.. ولم نر نائبة الرئيس التى وعد بها مرسى، خاصة بعد تصريحات الدعوة السلفية وبعض الإخوان بعدم جواز وجود امرأة فى منصب رفيع فى الرئاسة.. هل نفهم من ذلك أن مرسى اختار أقرب الناس إليه، ألا وهى أم أحمد كى تكون نائبته؟

"الحقيقة يا أم أحمد أنا فيه موضوع كده موغوشنى عايز آخد رأيك فيه.. نقفل المحلات ولا منقفلش؟".

وظهرت مؤخرًا على فيسبوك صفحة "انتفاضة المرأة فى العالم العربى" مزودة بصور نساء ورجال ممسكين بأوراق يعلنون بها تضامنهم مع الحملة.. يا فرحة أبلة ظاظا فيّا!

الانتفاضة لم تكن يومًا انتفاضة إلكترونية.. ولكم فى الانتفاضة الفلسطينية عبرة!

لن يكون لحقوق المرأة مكان فى مجتمع لا تدرك فيه نساؤه حجم تأثيرهن فى المجتمع، حجم قدرتهن على تغيير وإعادة هيكلة ثقافة وشكل مجتمع بأسره.

ولى عدد من الصديقات المرتبطات سواء زواجًا أو خطبة أو علاقة عاطفية.. كل مشكلتهن أن جوزها/خطيبها/صاحبها.. مديلها حق اتخاذ القرارات والتفكير.. طب إيه المشكلة؟ لأ، أنا عايزة راجل كده يقول لى اعملى ومتعمليش.. مش سايبنى كده وخلاص! أكيد مش بيحبنى.

إن القوة فى المجتمع المصرى لا تتمثل فى الجماعات الإسلامية كجماعة الإخوان والدعوة السلفية وغيرهما، قوة هذا المجتمع تتلخص فى شبابه الغارق فى الحشيش والبحث عن عمل لائق براتب يكفيه لنصف الشهر ونساؤه اللى مش حاسين ومش عارفين إنهم قوة أصلا.

إن الحل فى مشكلة حقوق المرأة هو أن تعرف المرأة أصلاً إن ليها حقوق.. إنها تبقى عارفة إنها تقدر تغير ثقافة مجتمع بأسره عن طريق الأجيال اللى بتحملها وبتربيها، إن لا ضل الراجل ولا ضل الحيطة هينفعوها، الضل الوحيد اللى ممكن يحميها هو ضل تفكيرها من صحراء الجهل المحيطة بيها فى كل مكان.

لحد ما تعرف المرأة أنها كيان مستقل وتعرف وتقتنع إن ليها حقوق دعنا نردد معًا بصوت عالٍ متشابكى الأيدى "بلا حقوق مرأة بلا خرا"!