Thursday, March 21, 2013

إلى ملكة قلبى.

ملحوظة: نشر هذا المقال فى العدد التاسع من مجلة 7 أيام.


لا أعرف من أين أبدأ كلامى..

أأبدأ بسرد تفاصيل صمودك أمام العقبات المختلفة التى رأيتك تتحدينها؟

أأبدأ بالتأمل فى تفاصيل شجاعتك المتناهية التى طالما حسدتك عليها؟

أأبدأ بكل ما فعلته من أجلى كى أصبح على ما أنا عليه الآن؟

احترت كثيرًا.. فشرحك وشرح حبى لكِ ولتضحياتك قد لا تكفيه تلك الصفحة إنما يحتاج إلى عدد أو ملحق خاص..

قد يرى البعض مبالغة فى هذا الكلام.. ولكنهم لا يعرفون من أنتِ وماذا فعلتِ على مدار أكثر من عشرين عامًا أو أكثر..

لا يعرفون سرَّنا الصغير.. كيف كنت لا أستطيع قراءة اللغة العربية حتى بلوغى سن الثامنة من عمرى، وها أنا الآن كاتبة فى إحدى أقوى مجلات مصر.. لا يعرفون أن هذا النجاح كله يرجع لك وإليكِ وحدك..

أذكر كيف كنّا نذهب معًا لشارع النبى دانيال العريق.. الملىء بالكتب القديمة التى أدمنت رائحتها بسببك.

أذكر ذلك اليوم الذى كرهت فيه كونى فتاة وأنثى، لأننى لن أستطيع أن أحمل اسمك الذى وحده كان السبب فى تكوينى وتشكيل شخصيتى التى تعانين منها الآن..

أحببت أفكارك المتفتحة، والتى بسببها مارست كرة القدم.

لكنى عرفت أنك تستحقين ذلك القرار الذى اتخذته.. غيّرت اسمى فقط لكى أرد لكِ جزءًا من جميلك.

عرفت أن يوم القيامة سينادى الله عز وجل البشر بأسماء أمهاتهم.. وأطلت التفكير فشعرت بأنكِ تستحقين أن يُحمل اسمك فى الدنيا قبل الآخرة..

ولكن برغم كل ذلك الحب الجارف، كرهته.. لأنك وحدك نقطة ضعفى وأنا أكره نقاط ضعفى.

وشىء آخر.. كرهت وراثتى لجيوبى الأنفية اللعينة منك، بتنغص علىَّ عيشتى الحقيقة!

أكره عندما تبدئين كلامك بجملة الصعبانيات الشهيرة "أصل ممكن أنام وما أصحاش/ أنا موجودة النهارده لكن بكرة مأضمنوش"، ولما أرد عليكِ وأقول لك بعد الشر يكون ردك المستفز علىَّ "الموت مش شر".. والله مستفزة!

أكره عندما تسيئين فهمى أثناء مناقشاتنا.. وأكره أكثر عندما أسىء أنا فهمك.

أكره عندما لا تدركين كم الضغوطات التى أتعرض لها فى حياتى الآن على الرغم من صغر سنى، أعلم أنها لا تعادل شيئًا أمام ما رأيته فى حياتك.. ولكنها ضغوطات.

ألا تدركى أن كسرى لبعض قواعدك هى محاولات منى لأصبح مثلك أو أن أقترب من مثاليتك؟

أكره عندما نتجادل فى رؤيتنا المختلفة للأمور.. خُلقت من رحمك ولكننى ببساطة مختلفة عنكِ وعنهم.

عارفة إنى بأضايقك.. عارفة إنك مابتحبنيش أقعد على القهوة.. عارفة إنك مابتحبنيش أنزل بالكروكس وبنطلون البيجامة.. عارفة إنكِ بتتضايقى من تأخيرى فى المواعيد..

بس مهما ضايقتك بأعرف إنك مسامحانى علشان ماليش غيرك، ماتخافيش علىَّ من القهوة علشان كلهم صحابى هناك من أول الراجل صاحبها لحد الراجل بتاع الولعة..

نفسى تفهمى إنى بنزل بالكروكس والبيجامة علشان أنا مبهتمش برأى حد، المهم أبقى مرتاحة وخلاص.

ونفسى تفهمى إن كل أصحابى بيتأخروا وأمهاتهم بيزعقوا برضه.. وإن عادى البنات بتخرج كل يوم مش أنا لوحدى بس اللى بعمل كده..

سيبك من كل ده..

بحبك، إنتِ مخلفة راجل من بطن راجل.

كل سنة وإنتِ طيبة

ميرنا ماجدة الهلباوى

Sunday, March 17, 2013

قصة قصيرة: وحشتينى

يمسك تليفونه المحمول ويضغط ارقام اصابعه لا تخطئها.. 

يرن الجرس أخيرا ويسمع صوت أنثوى على الخط الآخر.

"هى مش بترد عليا ليه طيب؟ إديلها التليفون قوليلها عايز اعرف هى مش راضية تكلمنى ليه؟..

عارفة إنى لما بسيبها ببقى بموت وارجعلها تانى؟

عارفة ان كل مرة بمسك تليفونى ببقى عايز أكلمها واقول طب هكلمها اقولها إيه بعد كل اللى قلته؟

طب عارفة إنى بعشق ضحكتها؟

مش إنتِ اللى بتوصليلها كلامى كل مرة؟ قوليلها تكلمنى.. قوليلها تفهمنى.. مش عارف اوصلها إلا عن طريقك"

يقاطع مكالمته دخول والدته إلى الغرفة..

"مش هاتاكل؟"

يرد بإستطراد وهو يخفى هاتفه

"لأ كلوا إنتوا انا ماليش نفس"

تخرج والدته من الغرفة..

ثم ينظر للهاتف ليعلو الصوت الأنثوى مرة أخرى...

"الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح.. يرجى الإتصال فى وقت لاحق"

يغلق الخط ويقول بصوت خافت..

"قوليلها إنها وحشتنى.."

Wednesday, March 13, 2013

مش هـنــقــلـع؟

قرأت خبر عاجل عن مواطن مصرى قام بخلع كل ملابسه واستأنف سيره عاريا على كوبرى أكتوبر وسط ذهول المارة من حوله، لا يعلم احد لماذا نزع هذا الرجل ملابسه ولماذا على كوبرى أكتوبر تحديدا.. اى نعم الدنيا حر بقالها كام يوم لكن ليس بحرارة شمس أغسطس..

ترجع بى الذاكرة إلى الوراء.. حيث شهور بعد حبس مبارك ومشهد دخوله السجن واضعا إصبعه فى أنفه لا مبالى بما يحدث حوله، غير مكترث بقضاة ومحامين وإعلام.. فظهرت صفحة على الفيسبوك عنوانها : لو مبارك اخد براءة هننزل ميدان التحرير ملط. اه ملط، وصورة الصفحة عبارة عن بنى أدمين بلابيص رافعين شعارات إحتجاجية.

لم يأخذ مبارك براءة حتى الأن.. ولم تنزل الجموع عارية بعد.

ترجع الذاكرة للوراء مرة أخرى، حيث الضجة التى اثيرت حول علياء المهدى، تلك الفتاة التى قررت ان تخوض معركة هى وحدها تعرف صحتها من عدمها لتتعرى فى المدونة الخاصة بها تماما وتنشر بها صورها العارية أملة بذلك ان تكشف عدم وجود حريات حقيقية فى المجتمع المصرى.. وقامت الدنيا حول استهتار علياء المهدى بحرمة الجسد.. وكثرت الأقاويل حول الدوافع الحقيقية التى دفعتها للتعري.. للشهرة؟ للجوء السياسى؟ لصفع مجتمع وإفاقته؟ ممكن.

ثم إلى واقعة سائقى اتوبيسات النقل العام، حيث خلع سائقى النقل العام ملابسهم اللهم إلا ما ستر عورتهم ووقفوا محتجين، على إيه مش فاكرة بس الحكومة كانت معتبراها إحتجاجات فئوية "كالعادة".

ثم إلى فلكلور الخناقات المصرية على كل كوبرى وكل شارع وكل حارة، يغضب الشاب والراجل من دول فإذا به ينزع ملابسه ويقف بالفانلة السواريه ممسكا بما طالته يده، ليعلن بدء الخناقة.

كل تلك النماذج السابقة تعبر عن ثقافة ليست بجديدة على الشعب المصرى للإحتجاج او قلب موازين المجتمع او التعبير عن رفض واقع مؤلم لهم.

ثقافة "القلع"، وذلك لأن ثقافة المجتمع المصرى الشرقية تحترم حرمة الجسد وتغطيته، بدءا من الفتيات الصغيرات اللاتى نراهن سائرات مع عائلاتهن مكللات شعورهن بطرحة على تى شيرت نص كُم.

وحتى ننصف التاريخ، أول من قام بالتعري على سبيل الاحتجاج، هو الليدي غوديفا (1040 – 1070) م التي ركبت صهوة حصانها عارية في مدينة كوفنتري البريطانية من أجل إقناع زوجها حاكم المدينة بتخفيض الضرائب عن سكان المدينة.

رجوعا للمجتمعات العربية نجد واقعة القبض على الفتيات السعوديات اللاتى حاولن المطالبة بحقهن فى قيادة السيارة.. قابلها إحتجاجات على تلك الإعتقالات من قبل بعض الفتيات الأوكرانيات اللاتى تعرن كاشفات صدورهن أمام السفارة السعودية فى أوكرانيا.

فالجسد فى المجتمعات العربية له قدسية وله حرمة وهو أيضا الفيصل فى الفرح والغضب والحزن والإحتجاج.
ففى الحزن والعزاء وعند سماع المرأة وفاة زوجها او إبنها او أخيها، نجدها دائما كما صُورت لنا فى الأفلام المصرية والعربية "تشق" هدومها.. معلنة بذلك حزنها الشديد على الوفاة لدرجة التجرد من ملابسها.

أما فى الفرح، فنجد مشجعى الفرق الكروية فى الإستادات وقد تجردت من ملابسها معلنة نشوتها وفرحها برؤية لاعبى فريقها المفضل وهو يلعب ويكسب أمامه.

والجسد فى الآونة الأخيرة وحده هو الذى به تتغير موازين كثيرة، فنجد الفضائيات الغنائية كلها امتلأت بالمغنيات اللبنانيات اللاتى لا نستطيع تفرقتهن من بعضهن.. ولكن يبقى الجسد الجميل هو الفيصل فى شهرتها، لو مُزة هتغنى مش مُزة تروحى تغنى فى حمام بيتكم.

والجسد أيضا أصبح عنصر فى خلق الذل والإنكسار عامة فى الشعوب العربية.. مثل مشهد تعرية ست البنات غصبا وأمام أعين الكاميرات على يد الجيش المصرى وهزت تلك الصورة العالم أجمع.. وشعرت كل فتاة وإمرأة مصرية وقتها بالإهانة والمساس بالكرامة ونزلن للشوارع محتجات على تلك الواقعة.

ولم تغفل أمريكا ايضا أهمية الجسد عند المجتمعات العربية، والتى ظهرت فى أحداث صور سجن أبو غريب الشهيرة التى شهدت على تعذيب الأسرى العرب وإهانتهم وتعريتهم وإنتهاك جسدهم ووصلت إلى حد هتك عرضهم. وانتشرت الصور وقامت الدنيا ولكنها هدأت كالعادة.. اخذنا نشجب ونندد، ثم خلدنا إلى فراشنا مستريحين الضمير.

والسؤال الذى يطرح نفسه الآن على ساحة مقالى، إذا كان الإحتجاج والغضب مشروع وحق من حقوقنا كمواطنين.. هل نتعبر "القلع" نوع من انواع الإجتجاج المشروعة؟

يبدو ان التعرى الآن هو الأكثر تأثير وأكثر صدمة فى مجتمعاتنا.. يبدو أنه احد اخر الحلول التى يمكن توصيل رسالة ما بها،

السؤال الآخر الذى يطرح نفسه هو الآخر فى تلك الصفحة..

 مش هنــقــلــع؟

Wednesday, March 6, 2013

رٌكبة ونص

ملحوظة: نُشر هذا المقال فى العدد السابع من مجلة 7 أيام.

إنها الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل، أجلس وحدى تماما وسط أكياس من الشيبسى وزجاجات البيبسى الفارغة المتقمصة دور الخمر الذى ينسي صاحبة آلامه. أجلس بعد أن انتهيت من مشاهدة ثلاثة أفلام أمريكية هوليوودية.. سهرة ممتعة ها؟

كنت قد اتخذت قرارا ان ابتعد عن مشاهدة الأفلام الهوليوودية بكل أنواعها، الدراما الكوميدية الأكشن.. كلها، فأنا نوعا ما أتأثر بسرعة بتلك الأفلام.. أذكر المرة الأخيرة التى شاهدت فيها فيلم the expendables فى السينما فخرجت منه بشحنة طاقة لم افلح فى تفريغها.. كل ما اردته هو إرتداء زى أسود وان تظهر لى عضلات ستالونى وانهال بالضرب على كل الأشرار خارج السينما.. أولهم السايس المقيت الذى لا يكف عن الـ"تعالى تعالى تعالى".

الأفلام الأجنبية مليئة بالأساطير والحكايات التى لا تعمل إلا على إحباطنا وجعلنا نكره حياتنا أكثر مما نكرهها الآن.

أسطورة "الركبة ونص" مثلا! كنت أشاهد فيلم Monster in Law، وتصادف ان تكون يمنى صديقتى من تويتر تشاهد الفيلم أيضا! ثم جاء مشهد الركبة ونص الشهير الذى طلب فيه بطل الفيلم الوسيم يد جنيفر لوبيز.. ركبة ونص وطلع خاتم وهى عملت نفسها متفاجئة.. تنهيدة حارة لم أفق منها إلا على تغريدة يمنى "إن شاء الله هيجيلى على ركبة ونص كده قدام الحاج وإحنا قاعدين فى الصالون المدهب".. قفلتنى!

 إلا أنها الحقيقة.. لا يوجد ركبة ونص فى عالمنا الواقعى.. لا يوجد.. لم يتصادف معى يوما او مع ايا من أصدقائى ان ذهب إلى مكان وفوجئ بمشهد الركبة ونص المصحوب بتهليلات وتصفيق حاد... فقط فى الأفلام توجد الركبة ونص..

بعدها قررت مشاهدة فيلم Eat Pray Love، سيدة تركت كل شئ للبحث عن ذاتها وعن ما تريده فى حياتها، ذهبت لإيطاليا لمعرفة ما معنى الإستمتاع بكل لحظة فى الحياة ثم إلى الهند للتواصل الروحانى مع نفسها ومسامحة ماضيها ثم إلى بالى.. حيث الرجل العجوز الحكيم.. ثم ينتهى الفيلم بوقوعها فى الحب بالوسيم البرازيلى والتغلب على خوفها وماضيها..

وده عبارة كله عن بوول شيت!

أصبت بحالة من الإحباط بعد مشاهدته، لأن الفيلم من كتر ما هو حلو يجيب إكتئاب! راحت إيطاليا تستمتع بالأكل وإحنا بنفطر من عند الشبراوى كل يوم! يوم ما بحس إننى لازم أستمتع بالأكل أكتر بقوله يزود الشطة.. وبعدين هحوش اد إيه عشان أروح إيطاليا والهند وإندونيسيا عشان ارجع متوازنة مع نفسي؟

 بول شيت برضه!

وتنهال الأفلام علينا الواحد تلو الآخر.. من قصص حب أسطورية لناس حلوة ماعرفش مابشفهمش فى الحياة العادية ليه.. حتى الأفلام الكارتون، لا يوجد بها أميرة بدينة مثلا، أو أمير يدخن بشراهة.. كلها فى المثاليات تربينا عليها لنكبر وننضج لنصطدم بالواقع، نصطدم بإن الركبة ونص تتحول لـ "انا على فكرة جايلى عريس ولازم تقابل بابا".. وان لو ضيّعت فردة جزمتى زى سندريلا البرنس اللى هيلاقيها مش هيسأل غير جايباها من برشكا ولا باتا..

وأسطورة الخير ينتصر.. الا يروا كاتبى تلك السكريبتات الرائعة ما نراه يوميا من "أسافين" من حولنا حتى من أقرب الأشخاص إلينا؟ الا يعلمون ان الخير لا ينتصر إلا فى الساعتين الضلمة اللى فى السينما؟ باتمان مش بيموت طيب؟

حكى لى دكتور ياسر أيوب انه يوجد فيلم إيطالى إسمه "سينما الجنة" وهو فيلم يحكى عن جزيرة فى صقلية كانت قاعة السينما فيها للأهالى عبارة عن الجنة التى يرى فيها كل شخص حلمه يُحقق أمام عينه.. سواء حب او نجاح او مال او تفاؤل.

الذى استوقفنى للتفكير للحظات.. طب وبعد ما بيطلعوا؟ مابينتحروش بعد ما بيلاقوا ان كل أحلامهم دى انتهت مع خروجهم من قاعة السينما؟

وبعد تفكير عميق.. توصلت ان الأفلام أصلا حرام عشان بتأثر على الصحة النفسية.. وبتؤدى إلى الإكتئاب، الذى كان من نتائجه هذا المقال.