Tuesday, August 27, 2013

و"اللهى" وما ليك عليا حلفان

مقال العدد الـ32 من مجلة 7 ايام

قد تستغرب من العنوان أعلاه قليلاً، إيه "واللهى" دى؟ غلطة مطبعية عدّت على قسم المراجعة الخاص بالمجلة؟ لأ خالص مش غلطة مطبعية ولا حاجة، كلمة "واللهى" دى معناها فى اللغة العربية الحديثة "والله" العادية بتاعة الناس الطبيعية اللى زى حضرتك لكن شباب السوشيال ميديا الآن وصلت بهم ثقافتهم من اللغة العربية إلى أدنى مستوياتها على مر السنين على ما أعتقد.

أنا نشيطة جدًا على مواقع التواصل الاجتماعى وخاصة تويتر، أعترف أن موقع تويتر بالذات أحيا اللغة العربية عند الكثيرين من مستخدميه وأولهم أنا شخصيًا، مكنتش بأكتب خالص بالعربى قبل ما أعمل أكونت على تويتر، وكان بالنسبة لى اللى بيكتبوا عربى فى الستاتس بتاعتهم على فيس بوك عبارة عن ناس "ياى"، نظرة منقدرش نقول عليها طبقية على أد ما هى نظرة هبلة وسطحية جدًا للأمور. كانت لغة الفرانكو أراب هى السائدة فى كتابتى عامة مثل الكثيرين.

لما عملت أكونت على تويتر، أول تغريدة ليا كانت بلغة الفرانكو أراب برضه، بس كانت غريبة وسط مئات من التغريدات الخاصة بالناس اللى بأتابعهم اللى كانوا بيكتبوا بالعربى، الحروف على الكيبورد بالعربى كانت مأساة بالنسبة لى، بأكتب الجملة فى ربع ساعة لحد ما أشوف حرف الـ"ذ" راح فين، واللى كنت بأحسب فى الأول الناس اللى صنّعوا اللابتوب نسيوه.. بس الأكيد واللى كنت متأكدة منه إنى عمرى ما كتبت "واللهى" بدل "والله"..

إنت بقى لو تشوف كم الكلام والتغريدات المأساوية من البنات والولاد على تويتر مثلاً اللى قرروا هما كمان يكتبوا عربى تحس إنك مثلاً فى المركز الثقافى المصرى فى روسيا وهما عبارة عن مواطنين روس بيتعلموا اللغة العربية من أول وجديد.. غلطات إملائية بالجملة، حرف الـ"ت" بدلوه بحرف الـ"ط" وبدل الـ"ك" "ق".. وحاجات يعنى تخللى العين تدمع والقلب يلطم على التعليم واللغة اللى وصلتنا لكده.

هؤلاء المأساويون ينقسمون إلى قسمين؛ القسم الأول هم شباب مدارس اللغات الذين لم يكلفوا خاطرهم بقراءة كتاب عربى مرة أو مثلاً قراءة الجرائد اليومية إن شاالله حظك اليوم.. بيكوز يو نو، أرابيك إز تو أولد فاشوند.. أما القسم الثانى هو الضياع بعينه، لا بيعرف عربى ولا إنجليزى.. ماشى بيتخبط بين الحروف كإنه "أليس فى بلاد العجائب"، وبيكتشف الكلام لأول مرة.. هو هو نفس الشخص اللى كان بيبقى فى الفصل والمدرس يطلب منه يقوم يقرأ، وتفضل إنت قاعد بتسمع لمدة ربع ساعة "الـ.. الـ.. آآآ أرر..أرنب!".

اتفرجت على حلقة من برنامج وسيم هدهد اللى كان بييجى فى رمضان اللى فات ده، برنامج ساخر كإنه فى المستقبل، وكان جايب ورقة امتحان اللغة الجميلة سنة 2050 واللغة الجميلة دى اللى هى الفرانكو أراب.. كنوع من الإشارة إلى أن اللغة العربية تندثر شيئًا فشيئًا مع الوقت، ما استبعدتش خالص إن ممكن فعلاً ده يحصل فى المستقبل مقارنة باللى بأشوفه حاليًا من ازدراء للغة العربية على يد مستخدميها من الشباب، أصل اللى يخليه يكتب "فعلن" بدل "فعلاً" يخلى أى حاجة تانية تحصل.

الجانب المشرق من الموضوع، إن عدد كبير من فئة الشباب بقوا بيكتبوا بالعربى حتى على فيس بوك بعد انتشار تويتر فى الفترة الأخيرة ولقوا إن الفرانكو أراب مش واكل هناك ومبيجبش لا فولوورز ولا ريتويتس، شىء لطيف.. بس الألطف منه إن الناس تقرأ، مش عايزينك مثقف ولا باحث اجتماعى ولا موجه لغة عربية، كل اللى أنا عايزاه إن الناس تعرف تكتب.. يعنى مش معقولة براءة تبقى فجأة بقدرة قادر "برائة" وإحنا نفضل قاعدين ساكتين يا جماعة، وأنا حالاً بأكتب المقال ده قفشت واحدة باعتة لواحدة تانية "ئلبى عندك"..

رسالة إلى من يهمه الأمر، علم ابنك أو بنتك أحسن تعليم، ده حقهم عليك، بس حقهم على المجتمع اللى بيضطر يتعامل معاهم على مواقع التواصل الاجتماعى إنه يقرأ لغتنا الأم صح. الأرابى المكسر ده فى الكلام مبيأكلش عيش.

Wednesday, August 21, 2013

صحّوه.. نايم ننّه

ملحوظة: أحداث المقال قد تكون قديمة شوية نظرًا لأن المجلة إسبوعية.

تم فض إعتصام رابعة اخيرا، بعد شهر وأكثر من المنصات والمسيرات والقتلى سواء فى صفوف جماعة الإخوان المسلمين او المدنيين العُزل الذين قتلوا على ايدى مؤيدين الشرعية، الحقيقة ان فض الإعتصام لم يكن مفاجئًا على الإطلاق على الأقل مثلا بالنسبالى، الوزارة والرئاسة وكل الناس كانت متوقعة ان الإعتصام يتفض عاجلا ام آجلا، شهر وأكثر والداخلية عمالة تقولهم يا جماعة إحنا هنفض، يا جماعة إحنا بنفكر نفض، يا جماعة إحنا جايين نفض لحد ما جم وفضوا الإعتصام فعلا.

الوضع بعد الفض كان كارثى من الدرجة الاولى واللى اثبت فعلا ان خطة فض الإعتصام كانت فاشلة، الم يكن يعلم السيد اللواء محمد إبراهيم قبل ما يطلق ظباطه للفض ان الإخوان مثلا مثلا يعنى محضرين خطة لإشعال البلاد وإدخالها فى فوضى ردًا على الفض؟ حضرتك مكنتش عارف تنشر القوات اكتر من كده؟ أين انت من الصعيد الملئ بالكنائس والأديرة المحترقة؟

بلاش، يعنى إيه مفيش تأمين جيد لمحافظة الجيزة اللى ولعت؟ طب متحف ملوى ومتحف رشيد اللى اتسرقوا واتنهبوا يا وزير الداخلية؟ هو حضرتك فاكر ان الإخوان هيردوا على الإعتصام بالحب يعنى ولا إيه بظبط؟
من نكت الكوميديا السوداء اللى شفت حد كاتبها على تويتر "دلوقتى بس عرفت ليه سكان الاقاليم بيقولوا على القاهرة "مصر".. عشان الحكومة مش شايفة غيرها وناسية الباقى".. ضحكت ولا لسه يا وزير الداخلية؟

ماضحكتش؟ طب فين القيادات؟ فضيت اعتصام ورحت وجيت واعتقلت، فين بقى القيادات المسئولة؟ مفيش..ولا قيادى تم القبض عليه حتى لحظة كتابتى لهذا المقال.

صورة الراهبات اللاتى يختبئن ويقفزن فوق الاسطح فى إحدى مدن الصعيد بعد إقتحام ديرهم كانت الأصعب بالنسبة لى.. مأثرش فيك ان راهبات تبقى مذعورة الذعر بسبب تقاعسك عن حمايتهم؟ مش شايف الناس اللى خايفة تنزل حتى قبل الحظر؟

تعالت الاصوات والتى اظنها قليلة بعد فض الاعتصام ان طريقة الفض لم تكن سلمية على الإطلاق واسفرت عن وقوع ذلك العدد الكبير من الوفيات – الله يرحمهم جميعا – وانتشرت صور السيدات والأطفال منها الصورة الشهيرة لسيدة تحمل طفلها الرضيع وحاطة على وشه كمامة، والمفروض اتعاطف.. اتعاطف ولا اشجب ولا ادين ناس رايحة اعتصام بأطفال رضع على الرغم من خطورة الوضع هناك ليه؟ وعلى الرغم من وجود العديد من الصور والأدلة والبراهين ان الاعتصام كان مسلحا بشهادة العديد من السكان او الصحفيين إلا ان بعض المتعاطفين بيتكلموا بمنطق "اصل الإخوان كان معاهم سلاح أقل".. يعنى حضرتك عايز المعركة تبقى متكافئة فى السلاح عشان ماتبقاش مجزرة من وجهة نظرك؟

ليس كل المعتصمين مسلحين، هكذا كان تبريرهم، لكن ثانية واحدة؛ هما باقى المعتصمين الغير مسلحين مكانوش يعرفوا ان معاهم ناس مسلحة؟ عارفين؟ طيب يبقى تسكت خالص. سكوتهم عن استخدام وحمل البعض منهم السلاح يجعلهم شركاء فى تلك الجريمة..

هو انتم نسيتم فجأة اعتداءات وانتهاكات الإخوان منذ بداية إعتصامهم؟ محايد؟ هو اللى بتطلق عليه حياد ده يعنى انك تشوف الحقيقة والاحداث من طرف واحد بس اللى كل الناس ضده؟ كابتن كابتن.. إنت فاهم الحياد غلط خالص.

الاسئلة لو فضلت اسألها من هنا لبكرة لكلًا من المتعاطفين ووزير الداخلية العبقرى مش هتخلص او ممكن انزلها فى ملحق خاص مع العدد..هو تقريبا إنتم يا نايمين ومش حاسّين، يا بتعملوا زيى وانا صغيرة لما أمى كانت بتدخل عليا الاوضة بليل ايام المدرسة.. كنت بعمل نفسى نايمة.

Tuesday, August 6, 2013

عيش.. حرية.. دكاترة نفسية

إحباط.. إحباط إيفرى وير،

لم اكن انتوى إطلاقا ان اشع كل تلك الطاقة السلبية التى اشعر بها فى هذا المقال ولكن ما باليد حيلة.. اضحك وانكّت إزاى؟

قد يبدو الان الواقع مشرق للبعض، فقد تخلصنا اخيرا من حكم الإخوان المسلمين ومصايبهم والآن هم اقلية معتصمون فى ميدان وإشارة.. لا يفلحوا إلا فى "تصدير" رعاياهم فى الإشتباكات التى لا يقع فيها ضحايا إلا من غُسل مخه لصالح اهداف لا تعنيه من قريب او من بعيد..

اجلس فى سيارتى غير مبالية بزحام كوبرى اكتوبر المعتاد وارى بجانبى مقر الحزب الوطنى المحروق كلية واتذكر مشاهد تلك اليوم التاريخية، لم ينسها احد.. فيوم 28 يناير كان هو المنعطف التاريخى الذى ترتبت عليه العديد والعديد من الأحداث.. انظر إلى ذلك المبنى المحروق وابتسم، إبتسامة مُرة..

اذلف إلى شقتى فى هدوء واجلس فى شرفتى، الملل يقتلنى بعد عدة دقائق معدودة، فأمسك هاتفى المحمول واتفقد الاخبار على تويتر.. افوجئ بـ"منشن" من شخص غريب لا اعرفه من الفولوورز الاعزاء يقولى لى فى لهجة صارمة "ثورة مين يا هانم.. إسمها نكسة 25 يناير".. ابتسم ابتسامة اخرى لا تقل مرارا عن السابقة..

اصبحت الآن نكسة.. حتى المؤيدون لها فى الماضى اصبحوا يلعنونها فى كل وقت.. مش هى اللى جابتلنا القرف اللى إحنا فيه؟          

استرجع مرة اخرى مشهد اخر شهدته فى الاسكندرية وانا فى السيارة مع أهلى نحاول إنقاذ من يمكننا إنقاذه.. واتخيل نفسى وانا اهرول على الشهيد الذى سقط غدرا امام سيارتنا وانا احاول محاولات مستميتى لإفاقته، "قوم يا عم.. والنبى قوم هيتنيلوا يقولوا نكسة.. إنت ماتعرفش اللى حصل؟ مش الإخوان هيمسكوا ويطلعوا %^&$*# اللى خلفونا.. قوم وإمسح الصلصلة اللى على قميصك دى.."

جلسة عائلية سعيدة، يعكر صفوها بعض مشاهد القتل والكر والفر على شاشة التلفزيون، فتنقسم العائلة انقسام رهيب.. كاك كاك كاك، القعدة بقت عبارة عن عشة فراخ وانا لا اسمع إلا ضجيج وكلمة "حماس" فى النص.. اسمع تلك الكلمة وابتسم إبتسامة ثالثة.. آه يانى يا حماس!

افتح لابتوبى فى غرفتى، واشاهد مرة اخرى فيديو لضباط الداخلية وهم يهربون المساجين يوم 28 يناير..  يا حماسى يامّا!
30
 يونيو كنت فى الشارع، فى الإتحادية تحديدا، اليوم المشهود وعّى بشكل لطيف.. ثم يأتى يوم 26 يوليو.. جمعة التفويض، افوّض؟ ما انا فوّضت يوم 30! انزل افوّض ليه؟

تأتى فى مخيلتى احداث مجلس الوزراء والعساكر ينهشون فى جسد ست البنات.. هتافات يسقط حكم العسكر وس 28 الذى لم يأت إلا بالمصائب والآلاف من الشباب المحاطون بأسوار غاشمة.. انظر إلى السماء واتضرع إلى الله "والنبى.. والنبى يارب! خلّى السيسى يطلع برة الليلة كفاية والنعمة كفاية!"

إبتسامة اخرى مُرة وأنا اتناقش وشريف الألفى عن توقعاتنا لمستقبل مصر.. انهى حديثه بجملة "إعتبرينا 24 يناير 2011 خلاص.." ثم افتح تويتر مرة اخرى لأرى تويتات الصحفى محمد الجارحى وهو يحكى عن مخبر ولا ضابط خبّط عليه بيسأله عن بطاقته وعقد إيجار الشقة! ياحول الله.. إحنا لحقنا؟ بجد لحقنا؟ دولة مبارك تعود؟ إلهى يحطوكم فى دولة ويقفلوا عليكم إنتوا ومبارك يا محبى مبارك ونرتاح!

تويتة الشهيد الصحفى الحسينى ابو ضيف تزين حائط فى إشارة روكسى.. اراها وابتسم، اتذكر حمادة المسحول والإشتباكات الضارية فى محيط الإتحادية.. وهتافات مؤيدى مرسى وقتها وتمارينهم الرياضية اللعينة امام القصر هاتفين "قوة عزيمة إيمان.. رجالة مرسى فى كل مكان".. إيمان دى تبقى %^5&؟^&!! استغفر الله العظيم..

الحقيقة ان كل ما يحاط بنا الآن ما هو إلا فلاش باك قديم على جديد على لسه هايحصل.. دم، ودموع، وحزن وغضب وقرف.. سنتين لوز العنب، لم يفلحا إلا فى تعجيزنا.. فقط لا غير.

وانا اجلس الان اكتب ذلك المقال مطالبة بتأسيس جمعية للثوار المجروحين نفسيا، الكلام ده ممكن يدّى على تامر حسنى او مثلا اسامة منير.. بس لأ خالص!

عيش.. حرية.. ودكاترة نفسية؛ بلا عدالة بلا قرف.. أين انتِ يا منال عمر عندما نحتاجك؟