Tuesday, September 10, 2013

دراما إفرى وير!

 كل اللى بقى حوالينا مؤخرًا بقى عبارة عن دراما مركزة وبجرعات مكثفة وفوقيها شويِّة حاجات فوق بعض، تقريبًا المسلسلات التركى نضحت على الناس من كتر ما بقى ليها جمهور عالى فى مصر حتى بعد ما الناس خدتها الشجاعة وقاطعتها بقى فيه مسلسلات مكسيكى ويابانى والناس تتابعها عادى جدًا.

بس الدراما بقى اللى على حق واللى الحكاوى بتاعتها لا تنتهى مهما الدنيا اتغيرت: الدراما العاطفية.. تقعد تسمع للناس كده سواء الناس اللى مصاحبة ولا مخطوبة تحس إن لأ.. أكيد لأ! مفيش حد بيعمل كده فى نفسه ولا فى الناس! والدراما دى مع الانتباه للحكايات اللى بأسمعها لقيتها منتشرة طبعًا طبعًا دون نقاش بصورة كبيرة جدًا فى البنات، والجديد بقى إنها بقت فى طريقها للانتشار بين الولاد كمان.. والمشكلة إنهم بيقعدوا يعملوا الحبتين دول ويرجعوا يضايقوا ويقولوا هما ليه بيعاملونا بقرف كده وسابونا.. ما هو من اللى بتعملوه!

هل طبيعى مثلاً، إن واحد ابن ناس محترم وشاب يعنى يملا العين، لما صاحبته تتخانق معاه يقعد يعمل فيها مغمى عليه؟ لأ بجد مغمى عليه ويقعد يتنفس بصوت عالى كده كإنه بيطلّع فى الروح! فى الأول البنت كانت بتتخض.. وقوم وأنا آسفة وحقك عليا.. مع الوقت عرفت اللعبة الهبلة اللى بيلعبها فى كل خناقة ولما اتفقس مبقاش بيغمى عليه وهى طبعًا سابته.. لأ وزعلان كمان إنها سابته!

طب بلاش، هل طبيعى إن بنت برضه ماتتخيّرش عن الشاب اللى فوق، جميلة وظريفة ودمها خفيف وبنت ناس كل ما تتخانق مع خطيبها تخلّى صحابها يكلموه يقولوا له إلحق دى بتحاول تنتحر وتقابله تانى يوم مش حاطة ميك آب فى وشها ورابطة إيديها وقال يعنى شرايينها مدلدلة وحالتها خطيرة؟

طيب خُدوا دى، واحد يفضل يتصل بواحدة وهى متردش ولما ترد تكون بتتكلم بطريقة مش لذيذة وتقول له لو سمحت متتكلمش على النمرة دى تانى أنا مش حابّة أتكلم معاك يقوم هو باعت لها تانى يوم "إنتى مضايقة من حاجة؟" طب ينفع بنت تفضل تزن على ولد علشان يكلمها ويحبها وهو يقول لها يا ستى حلّى عنى وهى تقول له "طب ما تحاول تحبنى!".. جرى إيه يا عيال مالكم بجد؟!

المهم إنكم ممكن تقولوا إن الحكايات دى مثلاً لشباب مراهقين هرموناتهم مش مستقرة، لكن المصيبة الأكبر إنهم مش مراهقين وكتير من النماذج اللى كلها حقيقية وذكرتها فوق ناس معدية التلاتة وعشرين والخمسة وعشرين.. كُبار وعاقلين يعنى المفروض...! غير طبعًا بقى اللى بتروح عند بيت صاحبها أو خطيبها وتقعد تعيط! أو مثلاً متخانقين تروح باعتاله رسالة تقوله إن فيه ناس بيجروا وراها بيحاولوا يخطفوها علشان يضطر يرد عليها! أو مثلًا اللى بيعمل إن أمه تعبانة أو أبوه فى المستشفى علشان تروح وتشوفه وفى الآخر بابا يطلع ودانه مسدودة علشان الميه دخلت فيها وهو بيستحمى!

اللى المفروض يبقى طبيعى عند كل الناس، حتى لو يعنى خلاص بتموت فى الشخص اللى قدامك وبتحبه حب قيس وليلى، لو لاقيت منه إحساس بالرفض خلاص بتاخد خطوة لورا وماتحاولش تقلل من نفسك.. ساعتها بقى تروح تعيط فى البيت وتشغل خالد عجاج أو تخش دوامة الشغل تداوى جراحك من غير ما حد يشوفك، لكن على الأقل تبقى محافظ على شكلك قُدام الشخص ده! وكرامتك يا عم.. كرامتك يا حاجّة، احترموها وإدوها شوية برستيج كده!

عارفين سابوكم وبيسبوكم وهيسيبوكم ليه؟ علشان تافهين وهُبل وحركاتكم مفقوسة وعلشان مبنحبش الدراما، إلا إذا كان ربنا بيحبكم بقى ولقيتوا حد درامى زيكم.. يبقى كده ربنا بيخلص منكم فيكم!

ملحوظة: هذا المقال نُشر فى العدد الـ34 من مجلة 7 أيام.

Wednesday, September 4, 2013

مات الكلام

ملحوظة: هذا المقال نُشر فى العدد الـ33  من مجلة 7 أيام.

سيبكم بقى من كل الهجص اللى بنقوله ليل نهار عن البلد ونشتكى من التعليم والصحة والشوارع والزحمة، كلها حاجات قابلة للإصلاح حتى لو هتاخد وقت، لكن فيه حاجات فى البلد عمرها ما هاتتصلح حتى لو عملنا قرود لإنها بقت معششة فينا.

عارفين اكتر حاجة شوهتنا البلد فينا؟ الكلام.. اه والله الكلام، يعنى مثلا صعب انك تبقى قاعد فى كافيه الصبح بتشرب قهوتك وتلاقى حد جنبك سواء ولد او بنت وتتجاذبوا اطراف حديث مع انك ماتعرفوش.. مجرد حديث ممكن يضيف ليومك سعادة او افكار مختلفة او تجديد مية حياتك حتى لو مش هاتشوف الشخص ده تانى وممكن ماتخدوش نمر بعض ولا تتقابلوا تانى اصلا.. مجرد كلام فى الأحوال العامة..

لو ده حصل فى الايام العادية، هيبقى يا إما ولد بيحاول يعطّف وبلطّف مع بنت قاعدة لوحدها وعايز يتعرف على بنات وياخد نمر ويقضيله يومين، يا إما حياء البنت بيمنعها تفتح كلام اصلا مع حد ماتعرفوش ولو حصل وتجاوبت مع شخص جاى يتكلم معاها دايما هيبصلها انها "بت سهلة" او "جت سكة". كلها تشوهات فى التعامل مع الناس حوالينا برة الدايرة اللى نعرفها.

لما رحت اسبانيا، وطلعت وقفت برة الكافيه اللى كنت قاعدة فيه فى البرد، لقيت شخص اجنبى فتح معايا كلام، كلام عادى جدًا بس إحنا الاتنين كنا مستمتعين رغم انى فى اول ما ابتدا كلام معايا تنّحت واللى هو ارد ولا مردش لا احسن يطلع شخص مختل فى الاخر.. ومطلعش مختل!

لما كنت هناك برضه وواقفة مستنية الاتوبيس.. جه شاب تونسى وبدأ يجر معايا كلام وقعدنا نتكلم عن البلاد العربية وثورة تونس وثورة مصر وشغله وشغلى والاماكن الحلوة اللى زارها.. ولما وصلنا المحطة اللى نازلينها عملنا باى باى لبعض وكل واحد مشى فى طريقه ومعرفش إمتى ولا فين ممكن نقابل بعض تانى وممكن اصلا مانتقابلش.. مجرد كلام برضه.

من الأبحاث اللى وانا بقلّب على الانترنت وشدتنى هى بحث عن التحدث مع الغرباء، والبحث ده بيوضح فيه ان الكلام مع الناس اللى ماتعرفهاش بيبقى مؤثر اكتر من الكلام مع دائرة معارفك وعائلتك، غير ان نسبة شجاعتك للتحدث عن مشاكلك واحلامك مع شخص غريب بتبقى اكبر منها وانت بتتكلم مع حد تعرفه.. لإنك عارف ان حتى لو قلت له إيه انت كده كده مش هاتشوفه تانى او هتتعامل معاه قريب.. بيديك إحساس مؤقت براحة نفسية، وده اللى خلّى الأطباء النفسيين يتجهوا لعمل مجموعات للتأهيل النفسي بتبقى عبارة عن انهم بيجيبوا مجموعة من الاشخاص اللى عندهم مشاكل نفسية معينة او بيمروا بمشاكل فى فترة ما فى حياتهم وبيجمعوهم فى مكان مع بعض وبيخلوهم يتكلموا مع بعض وهما مايعرفوش بعض..

فكرة "لو حد غريب جه اتكلم معاك وقالك هديلك شوكولاتة ماتتكلمش معاه" دى ممكن اه تبقى كويسة لأطفال عندهم 4 5 سنين مش عارفين يفرقوا بين شخص معتدل وشخص تانى مختل عايز يخطفه او يعتدى عليه.. لكن الكلام نفسه مع الناس شئ لطيف جدًا وفوايده قد تكون اكبر من اضراره..

فيه حاجز معين بيعلى مع الوقت بسبب قلة الثقة وبسبب الثقافة السائدة فى المجتمع بتاعنا، كتر الحوادث اللى بنسمع عنها بسبب ظروف البلد الإجتماعية خلت الخوف من الاخرين يكبر اكتر واكتر فينا.. اللى عامل فيها صايع ومدقدق وفالح اوى اخره يتكلم مع سواق التاكسى وهو رايح مشواره.

الحل الوحيد اللى ممكن يخلينا مانقولش "مات الكلام" ما بيننا، إننا نتكلم ونكسر حاجز الإنعزال الإجتماعى.. إتكلم مع اللى واقف جنبك فى السوبرماركت، وإنت مستنى التاكسى، فى الاسانسير.. المهم إننا نتكلم.