Wednesday, April 23, 2014

البى بى سى وقلة الأدب

اجرت معى الاسبوع الماضى قناة بى بى سى راديو البريطانية الناطقة بالعربية مقابلة مدتها لا تزيد عن عشر دقائق عن "طولة اللسان" وقلة الأدب! ده بجد والله! كانت مقابلة ضمن حلقة مطولة عن السلوكيات السيئة التى انتشرت فى المجتمع المصرى وخاصة الشباب بعض الثورة، كانت تلك الحلقة نتيجة لإنتشار الهاشتاج "المسئ" الذى بدأ على تويتر منذ عدة اسابيع اعتراضا على ترشح المشير عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية.. لم تخترنى البى بى سى عشان انا نابغة مثلا ولا مفيش زيى، لكن لأنى مستخدمة نشطة جدًا على موقع تويتر بالذات ولدى آلاف من المتابعين ولأنى ايضا والكثير من المستخدمين الأخرين لساننا فالت شويتين، وفى نفس الوقت صحفية.

كانت هناك ثلاثة محاور رئيسية ارتكزت عليهم اسئلة المقابلة، التى فى رأيى كانت مهمة جدًا، اسئلة القناة بالنسبة لى كانت اشبه بكلام والدتى وأمهات معظم الشباب الذين يرون ان الثورة افقدتنا معنى الإحترام وخاصة إحترام الكبير، كانت الأسئلة تمثل وجهة نظر العديدين الذين يعتبرون ثورة يناير هى السبب فى إخراج اسوأ ما فينا، كانت الإجابات عليها مهمة جدًا – مش عشان انا اللى جاوبت – لكن لأننى استطعت بها ان اسلط الضوء على المحاولات الساذجة التى يتبناها مؤخرا بعد انتشار حكاية الهاشتاج كارهى ثورة يناير فى إلصاق كل ما هو سئ فى الشعب المصرى بثورة يناير، وكأنهم كانوا فى الجنة وجاءت 25 يناير لتفتح أبواب جهنم عليهم..

المحور/ السؤال الأول: لماذا اصبحت تلك اللغة البذيئة والألفاظ الخارجة متصدرة ألسنة الشباب فى الثلاث سنوات الأخيرة؟
فى رأيى الشخصى المتواضع، هذا السؤال – وأصر على احترامى للقناة ومقدمة البرنامج – ساذج للغاية وينم عن إنعدام الرؤية الكاملة للمشهد المجتمعى المصرى على مدار العشر سنوات الأخيرة، وكانت إجابتى بسيطة جدًا ألا وهى: متبنو تلك النظرية تقريبا مكانوش بيمشوا فى الشارع او حاصرين نفسهم فى مجتمع ضيق جدًا لا يمثل الاغلبية، أنا فى الشارع قبل وبعد الثورة بسمع الألفاظ الخارجة فى المقاهى على سبيل المزاح، وفى الخناقات فى الشوارع، وفى الحوارات العادية بين الشباب بجمبع فئاتهم وطبقاتهم، حتى فى الأفلام اللى بنشوفها فى السينما، عدد كبير جدا منها بيستخدم تلك الألفاظ او حتى إيحاءات ساذجة لها.. الألفاظ الخارجة والشتائم ليست وليدة ثورة يناير، موجودة بقالها كتير وكتير جدًا كمان، وبعدين حتى الفتيات حاليا فى جلساتهم "البناتى" بيستخدموا الألفاظ دى.. هل حلال إستخدامها فى السر وقلة أدب فى العلن؟ نحن فقط عندما "نتربس" عقلنا فى كره شئ فنحن نلصق به جميع الإتهامات دون منطقية فى التفكير..

المحور/ السؤال الثانى: لماذا تم استخدام الهاشتاج المسئ فى توصيل فكرة رفض الشباب لمرشح بعينه؟ لماذا لم تتم بطريقة متحضرة أكثر؟
على مدار ثلاث سنوات وقع فيها شهداء ومصابين واعتقالات، كانت مطالبنا واضحة وصريحة وتم تعليقها من اليوم الاول لثورة يناير على البناية الضخمة فى ميدان التحرير.. على مدار ثلاث سنوات كاملة كنا "بنجعجع" فى كل مناسبة لكل مسؤول من أجل تحقيق ولو مطلب واحد من تلك المطالب.. وعلى مدار هذه الثلاث سنوات ايضا كان يتم "تصدير الطرشة" لكل اصواتنا التى بُحت.. الغريب فى الأمر ان المسؤولين مابيسمعوش غير التجاوزات بس! الضغط يولد الإنفجار، والعجيب ان الإنفجار اللى حاصل حاليا هى برضه "جعجعة" إلكترونية! مكانوش بيسمعوا ليه الوقفة السلمية لإسقاط قانون التظاهر عند مجلس الشورى اللى اتحبس فيها ناس كتير لمجرد انهم واقفين بس؟ إشمعنى بيسمعوا اللى مش جاى على هواهم بس؟ ولا هى تلاكيك؟ أنا لم استخدم هذا الهاشتاج ولن استخدمه، لكنى لا اكن اى ضغينة او اعتراض على مستخدميه.

المحور/ السؤال الثالث: ألا ترين ان بمهنتك كصحفية تحتم عليكِ عدم إستخدام لغة معينة فى التعبير خاصة على حساب تويتر الذى يضم أكثر من أربعين ألف متابع؟
تعلمت هنا فى المجلة من اليوم الأول معنى المسؤولية الإجتماعية، اى احترام ما اكتبه حتى يحترمنى القارئ فى المقابل وهذا ما احرص عليه دائما فى كتاباتى.. هنا تنتهى تلك المسؤولية الإجتماعية، ليس من حق اى شخص ان يحاسبنى انا او غيرى على ما نكتبه فى حساباتنا "الشخصية" أو التعليق على الصور مثلا التى ننشرها، لهذا السبب سُمي حساب "شخصى".

السؤال الرابع والأخير: هل قمت بسب شخصية عامة على حسابك الشخصى وتسببت فى مشكلة؟
لا، مش بظبط! قلت رأيى "الصريح" فى مذيع معين وقام هذا المذيع بعمل "فيفوريت" للتغريدة.. اى انه رأها، قمت بمحيها وارسلت له رسالة اعتذر منه على هذا اللفظ ولكنى أكدت أننى اعنيه وان مسحى للتغريدة لا يعنى إطلاقا تغييرى لرأيى عنه فى شئ! ولكنى استشعرت الحرج له عندما رأها!

Tuesday, April 1, 2014

إنت يتيم.. وهاتفضل طول عمرك يتيم!

مش محتاجة أقول إن إحنا فى الفترة الأخيرة ولا استطيع تحديد عدد السنوات بالضبط أصبحنا نتسم بالغباء، نعم.. نحن أغبياء وأغبياء جدًا الحقيقة، لا أقصدها على سبيل التهزيق خالص، لكن الغباء اصبح صفة منتشرة وهو ما لا ألوم عليه أحدا بعينه، مسببات الغباء كثيرة، يعنى إيه اللى يدعو للذكاء فى البلد أصلا عشان تبقى كائن ذكى وبتفكر وتشغل مخك؟ مفيش!

اليوم هو الأول من إبريل، ليس يوما عاديا فى مصر، يوم اليتيم.. يوم الإحتفال باليتامى اللى تقريبا – بما إنى مش بتفرج على تلفزيون خالص- بس على ما أذكر بيتم التنويه عنه قبلها بأسبوع مثلًا، إعلانات من المفترض ان تكون خيرية، يظهر فيها طفل ذو ملامح مصرية تتسم بالغُلب يتحدث بصوت حنيّن يدعوك للإحتفال به لأنه يتيم.. أو مثلا طفل ذو ملامح مصرية برضه تتسم بالغُلب بيبص للأرض بغُلب أكبر ومضايق إنه يتيم ثم ترتسم على وجهه السعادة لما يعرف انهم هيحتفلوا بيه يوم 1 إبريل ومن هنا برضه يدعوك للإحتفال به او التبرع إلخ إلخ إلخ..

هو أنا مش عارفة فعلا مين الذكى المبتكر اللى مفيش منه إتنين اللى قرر يعمل يوم مخصوص يسمّيه يوم "اليتيم".. اللى هو إنت يلا ياللى معندكش لا أب ولا أم، إنت ياض يا لقيط، إحنا جينا نفكرك كل سنة فى نفس اليوم إنك يتيم وهتفضل طول عمرك يتيم وهنفكرك كل يوم ان الدولة بتعطف عليك والناس بتحتفل بيك شفقًة منهم عليك مش أكتر، عمرك ما هتبقى طفل طبيعى.. قول ورايا.. أنا يتيم، بصوت أعلى.. أنا يتيم! ليه مسموش يوم الطفل مثلا ويبقى إحتفالا بالأطفال عامة؟ ليه يوم اليتيم وتضطروا تدخلوا الأطفال اليتامى فى الملاجئ وأكثر من دار فى مسرحية إعلانية سخيفة لن تفيده ولن تجعله يشعر بأى نوع من أنواع التعاطف، مسرحية لن تزيده إلا آلاما نفسية هو وزملائه!

الموضوع ليس مقتصرا على يوم "اليتيم" فقط، الموضوع متعلق بعقلية الناس اللى بيتعاملوا مع هؤلاء الأطفال، المفترض ان يتم تأهيلهم وإنهم ينسوا إنهم يتامى ويحاولوا يتعافوا من اثار الحرمان من الأب والأم، لأ حضرتك مشكورا طبعا مقعدهم ف مكان ظريف وبتأكلهم وبتشربهم وتعلمهم.. تقدر تقول لى إيه لازمة يافطة "دار كذا للأيتام"؟ يعنى الطفل اللى إنت مقعده عندك ده لو نزل يشترى باكو بسكوت من تحت الدار وهو طالع وهو داخل هيشوف كلمة يتيم دى فى وشه، إنزل يا حبيبى إشترى بسكوت بس ماتنساش إنك يتيم ها..

غير بقى طبعًا أفراح الأيتام المجمعة، برضه بنفس اليافطة والإعلان، يجمعوا أكثر من عروسة وعريس يتامى ويعملوا لهم فرح تحت إسم "فرح مجمع للأيتام".. ايوة يا جماعة عاملين أفراح للناس اللى معندهمش أب ولا أم بس!

هذا التعامل المتسم بالغباء – وهو غباء كما قلت فى اول المقال مبرر نظرا للظروف غير المساعدة على الذكاء التى نتعايش معها- ليس فقط مع الأيتام، حتى فى التعامل مع المعاقين او ذوى الإحتياجات الخاصة، كل يوم بنفكرهم انهم لهم إحتياجات خاصة وكل يوم بنأكد عليهم إنهم معاقين ذهنيا، أى حد ساءه حظه وقدره لأن يكون مختلف نوعا ما عن باقى المواطنين ويكون عايش فى مصر لازم كل يوم نعايره بظروفه حتى لو فعلًا مكنش قصدنا المعايرة دى. أنا أكيد متفهمة ان كل دار من الدور المخصصة للأيتام مش قصدها تعاير وقصدها الخير لأنها غير مجبورة على تحمل مسئولية هؤلاء الأطفال، بس اللى أعرفه انه يا الحاجة تتعمل صح يا ماتتعملش أصلا، مش عشان حضرتك أحسن منى وعامل دار أيتام ده مايدنيش الحق انى اعلق على الطريقة المش "بروفشنال" بالمرة فى التعامل مع أطفال من المفترض ان يتم تأهليهم بطريقة سليمة للتعايش والتداخل مع المجتمع..

كل سنة وكل الأطفال طيبين، اليتيم والفقير والغنى والرزل واللى مش بيبطل عياط واللى لسه بيعمل على نفسه بليل واللى على طول سخن وعيَان.