Saturday, August 30, 2014

داعش هي الحل!

تطور نشر داعش لدعوة الجهاد يعتبر نقطة تحول يجب التوقف عندها لأنها الآن تعتبر من أخطر اسلحتها على الإطلاق فى توسيع "نشاطاتهم" خارج حدود دولتهم التى رسموها من اليوم الأول الا وهى "الدولة الإسلامة فى العراق والشام"، وبالحديث خصيصا عن مصر.. إنتشر الذعر عند مستخدمى شبكات التواصل الإجتماعى الشهر الماضى عند إنتشار صور الشاب "إسلام يكن" وهو مصرى فى العشرينات من عمره سافر للإنضمام إلى داعش، مشهرا سيفه ومستهزءا برؤوس "أعداء الله" كما اطلق عليهم من حوله.. هذا الذعر زاد اكثر عندما اكتشف متسخدمى فيسبوك وتويتر الحسابات الشخصية لإسلام يكن ورصدوا تحوله من شاب بتاع جيم وبنات إلى فرد مقاتل ينحر رقاب بلا رحمة.. وشعر المستخدمين ان داعش خطر حقيقى اصبح يطرق ابواب مصر الآن، خاصة وأن إسلام يكن حوّل حساباته الشخصية إلى نافذة إعلامية ينشر بها اخبار الدولة واخر احداثها وتطوراتها بطريقة ودية جدا على وزن "الخلافة هتنحر رقاب كل من يعاديها وهيبقى كله لوز بفضل الله!"

فكرة "حى على الجهاد" ليست جديدة بالطبع كما نعرف فلكنا كنا نتابع تنظيم القاعدة وفيديوهات "بن لادن" والظواهرى التى كانوا يدعون بها جموع المسلمين لمحاربة الكُفر ونصرة الإسلام وإعلاء راية الخلافة الإسلامية.. وعلى الرغم من وجود تلك الفيديوهات والدعوات خاصة بعد 11 سبتمبر إلا انها لم تكن منتشرة ويستطع بسهولة الوصول إليها والسماع عنها لأنها كانت تذاع على "الجزيرة" والتى كانت وقتها المنبر الإعلامى الواسع لنا وكنا نترقب شريط الأخبار عندما يكتب "عاجل: رسالة جديدة من زعيم تنظيم القاعدة بعد قليل"! كانت طريقة الوصول والمعرفة اكثر عن هذا التنظيم الخطير صعبة جدا، اللهم إلا المناظرات السياسية على قناة الجزيرة التى كانت تناقش وقتها فكرة التنظيم وكانت كلها محاولات لفهم موقف سياسى عالمى ضبابى.

ولأن كل شئ من حولنا يتطور كلما مر الزمن، فقد تطورت ايضا "الدعوة إلى الجهاد" والتى تقوم بها داعش الآن، فلم يعد الأمر مقتصرا على مجموعة فيديوهات "تعتر" فيها بالصدفة وإنت بتقلب فى التلفزيون.. حتى الجهاد أصبح "مودرن"!

"ويمكرون ويمكر الله".. بتلك الجملة بدأ إسلام يكن مؤخرا فى نشر صور لرسائل أرسلت إليه بعد انتشار قصته فى وسائل الإعلام المصرية، لم تكن تلك الرسائل تستجديه ليبتعد عن الطريق الذى اختاره او محاولات لمنعه وردعه ونصحه.. بل كانت رسائل تستفسر منه عن كيفية "النفير" والسفر للجهاد فى الدولة.. وكان من نص رسالة من تلك الرسائل انهم منتظرين فى مصر الإشارة للبدء فى فتح مصر!

لم يتوقف "الجهاد المودرن" عند حد شبكات التواصل الإجتماعى فحسب، فقد نشرت صحيفة الديلى ميل الإنجليزية تقريرا عن صدور مجلة ورقية بإسم "المستقبل" وهى الوسيلة الصحفية الجديدة لتنظيم "داعش".. رصدت الديلى ميل توزيع نسخ من تلك المجلة الجديدةعلى مرتادى الصلاة فى جوامع إندونيسيا، وتحمل أخبار للدولة وتعريف مفصل اكثر عن نشاطاتها وأهدافها.. وايضا قام تنظيم "داعش" بإصدار موقع إلكترونى يحمل نفس الإسم Al-Mustaqbal.net وهو موقع إخبارى عن الدولة الإسلامية وعن أعداء الإسلام وأخبار مجاهدى الصفوف الأولى فى العراق والشام ومقالات للمجاهدين..

بذلك اصبح "الجهاد" متاحا للجميع من كل الجهات، وسهل الوصول إليه والتعرف عليه.. ومع إنتشاره بتلك الطريقة المعاصرة، زادت ايضا المخاوف من إنتشار داعش فى مصر واننا ينبغى ان نكون كلنا على قلب رجل واحد حتى "نهش" الإرهاب بعيد.. ولا يدرى هؤلاء الخائفون ان مصر تقريبا هى بيئة خصبة للغاية لإنتشار داعش بمنتهى السهولة.. ببساطة لأننا عبارة عن داعش على صغير؛

هل تذكر حادثة قتل وسحل والتمثيل بجثة الشيخ الشيعى حسن شحاتة؟ كان كل هذا القتل والسحل والتعذيب تحت هتافات "بالروح والدم نفديك يا إسلام!" و"الله أكبر"!
بالتأكيد تلك حادثة عابرة من قلة مندسة ولن نقف عندها..

هل تذكر حوادث تهجير الأقباط فى الصعيد؟ حرق منازلهم؟ إجبارهم على ترك قريتهم غصبا لان الجلسات العرفية التى سئمنا منها جميعا اصدرت حكما بترحيلهم خارج القرية؟
الجهل فى الصعيد والفقر منتشرين وهو ده سبب الحوادث دى..

هل تذكر كل المرات التى قام فيها احدهم بالتعليق على حادثة تحرش مبررا تصرف المتحرش بإن البنت مش لابسة محتشم؟

تلك الحوادث الثلاثة التى ذكرناها هنا ما هى إلى جزء بسيط من أرشيف واسع من التطرف الفكرى فى المجتمع المصرى الحالى، تطرف اقرب ما يكون من "بعبعنا" الحالى وهو داعش.. وكل تلك الحوادث لا تفرق بتاتا عن بطولات داعش الجهادية، فهم يقومون بترحيل الأقباط عن منازلهم ويقتلون المسلمين إذا ما حدث ان اختلفوا عنهم فى الفكر.. فمن أى داعش نخاف ونترقب؟ ولأى إرهاب نتأهب؟

داعش اصبحت داخل مصر فعلا، ومنذ فترة طويلة ولكن المسميات هى ما تهمنا، وتأتى لنا النظريات التحليلية فى جميع الوسائل الإعلامية لتظهر لك ان كل من ينتمى للفكر الجهادى هو جاهل او متخلف.. وهو تحليل ركيك يمكن طعنه فى مقتل بمنتهى السهولة.. هل التعليم يقضي فعلا على فكرة الجهادية والتطرف الإسلامى؟

بالبحث فى ارشيف "الإرهابيين" المعروفين، نجد أسامة بن لادن مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، درس فى جامعة الملك عبد العزيز فى جدة وتخرج ببكالوريوس فى الإقتصاد ونال شهادة فى الهندسة المدنية.. "باشمهندس" أد الدنيا وخريج اعلى الجامعات والشهادات والحصيلة انه اصبح الإرهابى الأشهر فى العالم.. وليس بالضرورة ان يكون الإرهابي باردا غليظا وعنيفا فقد قال بريان فايفيلد شارير وهو مدرس اللغة الإنجليزية لبن لادن انه كان تلميذا هادئا وخجولا ولطيفا اكثر من اى شخص فى الفصل ومبتسما!

وهنا نصل لنقطة هامة وسؤال أهم؟ على من تقع مسئولية الحد من تحول مصر لمجتمع داعشى؟

ويشترك فى تلك المسئولية الكثيرين؛

 اولا: الدولة
الحل الأمنى والقبضة الأمنية التى اعتدناها لأعوام عديدة لن تكون الحل الأمثل والأصلح لمحاربة تطرف الفكر الذى اصبح منتشرا كالطاعون بالمجتمع المصرى.. هتجاهد؟ يبقى هنجيبك وهنسجنك ونعذبك، وهوما حدث مع الظواهرى فى فترة السادات واكد الجميع ان تعذيب الظواهرى فى السجون المصرية وقتها كان نقطة التحول الأولى فى تحويلة إلى إرهابى محترف! لن يزيد الحل الأمنى العنيف إلا تطرفا وعنفا داخل تلك المجموعات بل وسيزيد التعاطف الشعبي والمجتمعى معها.. ومن هذا النموذج الشاب إسلام يكن، الذى يؤكد معظم اصدقاءه واقاربه انه "يتحط على الجرح يطيب" وشاب متزن قبل تحوله.. ماذا لو تمكنت القوات الأمنية بمحض الصدفة بالقبض على إسلام وسجنه وتعذيبه؟ حتى لو ادانه اصدقاءه واقاربه سيتعاطفون رغما عنهم معه.

ثانيا الإعلام:
ادى الخوف والذعر من تهديد داعش لمصر إلى حالة من التخبط العامة فى الإعلام المصرى الناقل لأخبار داعش.. واتفقوا ضمنيا على الإكثار من إظهار خطر داعش حتى يلوموا من يفكر فى ان يعترض .. ومن هنا انتشرت العديد من الأخبار الكاذبة التى كما ذكرنا كذبتها العديد من الحسابات لمؤيدى تنظيم الدولة الإسلامية والتى ايضا خلقت حالة كبيرة من التنفير من الإعلام واصبحت تلك الحسابات الشخصية لداعش هم نافذتهم الإعلامية لمعرفة الأخبار الحقيقية. نقطة هامة غابت عن الإعلام المصرى وهى الحرية والتنوع، بمعنى انك بمجرد "التقليب" فى التلفزيون والمرور على اكثر من توك شو ستجدهم بنفس المضمون والضيوف والمحتوى وإذا غابت عنك حلقة فسوف تجدها بحذافيرها فى برنامج اخر.. يجب ان يفتح الإعلام ابوابه لكل الآراء المختلفة والمتنوعة، يجب ان يقود الإعلام التغيير الشامل فى المجتمع المصرى ليؤهله لتقبل مختلف الآراء.. يتخذ الإعلام المصرى سياسة إذا لم تكن معى فأنت ضدى.. والحقيقة ان الإعلاميين والمتفرجين ليسوا فى خناقة لإثبات من الأقوى! واجب الإعلامى هو عرض كل الآراء والحقائق الكاملة امام مشاهده حتى يترك الحكم للمتفرج والمشاهد ليستخدم عقله.. إعلام الضجيج والصراخ لن يزيدنا إلا تطرفا.

 ثالثا الازهر:
قد تكون مناقشة او حتى التحدث عن تلك النقطة بالتحديد "كليشيه"، ولكن تجاهلها هو احد اهم اسباب مشكلة التطرف الفكرى فى المجتمع المصرى، الأزهر الشريف يعتبر احدى منارات الإسلام الوسطى الذى نتخذه جميعا منهجا وسلوكا فى حياتنا، ولكن مع تحول الأزهر الشريف إلى مؤسسة من ضمن المؤسسات الحكومية التابعة للدولة وإلغاء استقلاليته وإستقلالية شيوخه.. ضعفت حجته وضعف تأثيره، واعتبره العديدون من معتنقى الفكر الجهادى انه منبرا للدولة والحكام الظالمين. وقد ذكرت العديد من الوثائق – غير محدد حتى الآن صحتها من عدمها ولكن تستحق اخذها فى الإعتبار- ان فى فترة السادات وبدء الجهاد الأفغانى ضد السوفييت، كان لمصر وللأزهر خصيصا دورا كبيرا فى تحريض الشباب والمسلمين على التطوع والذهاب للجهاد فى أفغانستان لإنقاذ الإسلام من الشيوعية.. وكان هذا دورا ضمن خطة كبيرة من الإدارة الأمريكية آنذاك للقضاء على الإتحاد السوفييتى وإنهياره.. وعلى الرغم من عدم وجود تشابه كبير بين "الجهاد الأفغانى" الذى كان واضحا وصريحا انه بين طرفين احدهما مسلم والأخر شيوعي يقتل فيهم، وبين داعش التى تقتل كل من يخالفها حتى لو مسلم سنى إلا ان ارتباط الأزهر بالدولة كان له تأثيره الأعظم فى نفوس المتدينين.

ولعل جزءا من كتاب العائدون من افغانستان للكاتب عصام دراز يعكس واقعا حاليا مماثلا قد يلخص بعضا من اسباب انتشار الفكر الجهادى ورغبة الشباب المصرى فى الجهاد فى أفغانستان انذاك وداعش حاليا:

"وكان مخرج هؤلاء الشباب هو البحث عن الأمل ... وإذا كان الشباب المصري يهاجر دون أمل إلى دولة مثل العراق ... ليشترك رغما عنه في حروبها ويسقط منهم الآلاف خاصة في الحرب ضد إيران فإن الحكومة المصرية لم تعلق ولم تعترض على تجنيد الشباب المصري بالقوة في جيش العراق أثناء حربه مع إيران .. ولم تعترض على مئات الآلاف من المصريين الذين يعيشون ضائعين في شوارع بغداد ومدن لعاق .. وحملت الطائرات القادمة من العراق مئات الصناديق الخشبية التي تحمل جثث الشباب المصري الذي قتل في ظروف مجهولة.
إن الإحباط العام في مصر هو الدافع الرئيس لذهاب عدد من الشباب المسلم الملتزم إلى أفغانستان فهو يبحث عن خيط من خيوط النور وذلك بإقامة دولة إسلامية يجد فيها العدل والأمان والحرية بدلا من الذل والإحباط "

ان تجد كيانا قويا تستطيع ان تتحامى به فى الظروف السيئة والمواقف الصعبة التى يمر بها الإنسان، هوغريزة فطرية منذ الصغر.. مثل حضن والدتك فى صغرك ثم الشلة فى المدرسة التى سوف تدافع عنك فى أى خناقة ثم الوظيفة المرموقة والمرتب الشهرى الثابت الكافى الذى يجعلك تستند عليه وإليه مطمئنا نفسك من اى طوارئ قد تقابلها فى حياتك.

لهذا سافر وهاجر إسلام يكن وغيره إلى داعش، بحثا عن الكيان القوى الذى يستطيع من خلاله الإحتماء به وفيه. بالإضافة للتبعية السياسية والإقتصادية التى تشعر هؤلاء الشباب المتحمس للحرية والديمقراطية بأنه محكوم من قوى اكبر من دولته وهو ما حدث مع الجهاد الأفغانى فى فترة السادات.. حيث كان من اهم اسباب اندفاع الشباب وقتها للذهاب هناك كان الإنتقام وتنفيس غضبهم من السوفييت الذين ادخلهم عبد الناصر داخل النظام المصرى حتى تغلغلوا داخل الدولة كلها.

الكيان هو الحل.. فحتى لو اغرقت على الشعب بالأموال والوظائف وفى نفس الوقت هناك ظلم واقع على فئة معينة من هذا الشعب ولا تسانده وتدافع عن كل حق من حقوقه سواء كان هذا المواطن داخل مصر او خارجها فلن تشفع تلك الاموال او قلة البطالة فى إحتواء هذه الفئة ابدا.

Wednesday, August 27, 2014

حكايات مرعبة للشباب: أدهم الملّاح

جلست على سلم نقابة المهن التمثيلية وقد انهكت الهتافات التى رجت ارجاء الشارع كله والهبت حماس المعتصمين جسدى وقضت على قوايا الجسدية كلها.. تحسست جيوبى بحركة رتيبة اعلم نهايتها.. لأ معيش سجاير كالعادة من إمبارح.. بدوّر على إيه أنا؟ حركة تلقائية اشبع بها ما تبقى من كبريائى قبل ان اتجه للكشك الكائن بالشارع المقابل للإعتصام الذى ما رآنى صاحبه حتى تأفأف فى ضيق شديد.. عندك فرط يا حاج؟ لأ معندناش سكتك خضرا.. لملمت جنيهاتى وحمدت الله ان الفرط خلص من عنده.. اصل لما اصرفهم دلوقتى الصبح هفطر منين؟ توجهت عائدا للإعتصام باحثا عن اى شاب صغير ورور يعتبرنى قائد من قادة الثورة الفنية المسرحية.. بس لقيته.. شاب مفلفل شعره البنى وشكله ابن ناس.. هرول إلي مسرعا واخرج علبة سجائره التى قد تجعلنى اعيش ملكا لمدة 24 ساعة كاملة وعزم عليا بسيجارة لم تستغها رئتاى التى اعتادا على الكليوباتر وخشبها..

تأملته وتذكرت وقت ان كنت شابا ورورا مثله، بالتأكيد ليس بنفس درجة الغنى ولكنها كانت مستورة اكتر من دلوقتى بمراحل كبيرة.. لا اتذكر بالضبط الوقت الذى قررت صعلكتى ان تستولى على حياتى.. فلم أكمل شهادتى الجامعية وبلغ حبى للفن منتهاه وقررت ان الفن هو كل حياتى.. وان بالفن سأرتقى لأعلى درجات المجتمع وعند إدراكى ان كونى ممثل مسرح صعلوك ذو فكر ثورى غاضب على كل وأى نظام مش هيأكلنى عيش كان قد فات الأوان لإستعادة ما كان..

لم تكن لى وظيفة حقيقية، ولم يعلم احد قط ما هى وظيفتى الحقيقية.. فقط مساعد مخرج كانت كفيلة بجلب الإحترام الكافى انى اكمل قعدتى وانجعاصى واتكلم عن المسرح وكيفية استرجاع دوره وان يصبح له جمهوره زى زمان.. السلفة والسمسرة اصبحا اسلوب حياتى، مصلحة اخلصها لحد فى النقابة بخمسين جنيه تبقى بقدرة قادر بـ100 جنيه.. استلفت من طوب الأرض حتى لم اعد اتذكر من هم دائنينى اصلا واصبح مرض والدى وبعض قدراتى فى التمثيل هو الشماعة التى انقذتنى مرارا وتكرارا من زنزانة قد تكون الحياة فيها اكرم لى من خارجها..

كانت احلى لحظات حياتى هى اوقات الإعتصامات والإحتجاجات فقد كنت هناك دائما وابدا فى الصف الأول قائد للهتافات التى اصبحت هى ستارى وحمايتى من تأنيب ضمير مات.. فقط يصحو احيانا لتنغيص عليا عيشتى اكتر ما هى متنغصة، كانت تلك الأوقات هى الموسم زى ما بيقولوا!

"ملعون أبو دى بلد بتقتل ولادها بالحياة".. قلتها وسط جموع المعتصمين فى النقابة ثم شردت للحظات تعالى فيها التصفيق الحاد والإشادة بحماسى وحبى للفن والمسرح.. 

شردت فى حساب عدد اكواب الشاى التى شربتها لمدة لا تقل عن خمسة سنوات ولم أدفع ثمنها واضطررت للكذب تاركا القهوة مسرعا للحاق بوالدى الذى كان دائما وابدا فى المستشفى بسبب مشاكل قلبية رغم انه توفى منذ ان التحقت بالجامعة.. شردت في كم الأماكن التى تركتها غصبا وقهرا بسبب ارتياد الدائنين عليها وفضحهم لكل مديونياتى.. شردت في "نسمة"تلك الفتاة الغنية الرقيقة التى قررت ان تحب المسرح من أجلى وان تعتصم من اجل قضية لا تعرف عنها شيئا فقط من أجلى.. شردت فى عدد المرات التى ذهبت إليها باكيا شاكيا من الظروف والحياة.. شردت فى عدد المرات التى ترقرقت فيها عيناها وهى تقرضنى اموالا لم ولن تستعيدها ابدا.. شردت فى ابى رحمه الله وحبه للفن والمسرح الذى اضطر والدتى للإنفصال عنه حتى مات وحده ليلا على قهوة التجارية التى اجلس عليها ليلا كل مساء وحيدا ايضا..

شردت حتى استيقظت من شرودى على الشاب الورور وهو يبلغنى بنفاذ اللافتات والمطبوعات الخاصة بمطالب الإعتصام لتوزيعها، نظرت إليه لعدة ثوان ثم قلت له "هات 200 جنيه لحد ما اسحب فلوس وساعة وهتكون الحاجات عندك" نظرت إلى الورقة ذات المائتى جنيه وأنا اعلم تماما اننى لن اصرف منها إلا خمسين فقط!

Thursday, August 14, 2014

حكايات مرعبة للشباب: نيرمين

 بقلق لما بقعد افكر انى ممكن فى يوم اعمل اكونت على موقع إجتماعى زى فيسبوك وأبقى فاهماه غلط، مش عارفة اتعامل معاه، واحط صور كتير منطورة على التايملاين من غير ما تكون فى البوم، عشان انا مبعرفش طبعا اعمل البوم صور، مش دى المشكلة، المشكلة انى ابتدى اعمل شير لصور ابنى واعمله منشن واقول له "حبيبة قلب مامى الكلبة كبرت يا ناس" واصحابه تانى يوم يقعدوا يستلموه بالساعات ولما يرد على واحد منهم فى التليفون يقول له "حبيبة قلب مامى مكانه فين دلوقتى؟" ويزهق من عمايلى السودة وكل مرة يقولي يا ماما ماتعمليش كده وأنا اطنش لحد ما يحطنى فى ليستة الناس اللى ماتعرفش حتى تشوف البروفايل بيكتشر بتاعته..
بروح فى الأجازات الرسمية الجونة طبعا او اى قرية فى "سيدى عبد الرحمن" بقعد على البحر مستمتعة بالطراوة ومعايا الأيباد بتاعى وبحلل لأصدقائي على فيسبوك تحليلاتى العميقة عن القضية الفلسطينية، وان حسبي الله ونعم الوكيل فى اللى عايزين ياكلوا مصر..

روتينى اليومى معروف: الصبح بقوم بخلي الشغالة تعمل لى قهوتى، بقلب فى التلفزيون وبشوف صور اصحابى على فيسبوك، بدخل اغير والبس لبس التمرين عشان اروح الف التراك مع مونى وتونى ولونى صحباتى، بخلص بشرب فريش جوس معاهم وبروّح البيت اخد شاور واطلع يكون الغدا جاهز..

مانكرش ان كان فيه شوية قرارات صعبة اخدتها فى حياتى يمكن هى اللى اثرت فيا وخلتنى واحدة تانية، منهم الفاشون بوتيك بتاعى اللى خسر.. جبت لبس من برة بـ585957587585875 جنيه، وقررت اعمل أوبن داى فى البيت عندى لصحباتي وأكدوا عليا ان اللبس حلو اوى يا نونى.. بس فين اللى اشتروا يا نونى؟ ماتلاقيش..
 القرار التانى اللى كان صعب عليا ومحتاج شوية ثقة بالنفس انى اعمل اكسسوريز، كل مكونات المشروع كانت ناجحة.. عملت جروب لصحباتى على فيسبوك، صورت الصور هاى ريزولشن، كتبت البرايسز.. صحيت تانى يوم معرفش ليه ملقتش اى نوتيفيكشنز عليه.
 القرار التالت كان اخد الدهون اللى الدكتور هينفخ لى بيها مؤخرتى من سيقانى ولا من دراعاتى..

بدخل الأوضة بتاعتى وبلمح نفسي فى المراية وبقعد افتكر بظبط إمتى اللحظة اللى جنابي طرشقت فيها كده؟ انا تخنت كده إمتى؟

يمكن تخنت فى اللحظة اللى بدأت ادفس نفسي بالعافية فى بنطلوناتي الجينز؟ ولا فى اللحظة اللى بقيت حريصة على لبس الخلخال الذهب بتاعى؟ ولا فى اللحظة اللى قررت فيها اعمل تاتو حسنة فى وشى؟ ولا فى اللحظة اللى رحت الكوافير فيها وحطيت اكستنشن لحد نص ظهرى فى حين ان شعري لا يتعدى طوله تحت وشى؟ ولا في اللحظة اللى بقيت مابشفش فيها جوزى فى البيت تقريبا؟

يمكن تخنت فى اللحظة قررت فيها ماطلبش الطلاق عشان مصلحة الأولاد.. هيعيشوا كده متشتتين بين أبوهم وأمهم؟ مش يمكن مودى يدمن؟ ولا كوكى يجيلها ازمة نفسية؟

 وأنا بفكر فى أد ايه انا مضحية بسعادتى عشان ولادى كنت عارفة كويس اوى اد ايه انا بكدب حتى على نفسى.. لأ مش عشان مودى وكوكي يبقوا مش مشتتين ولا حاجة، أنا مش هستحمل اعيش عيشة اقل من اللى انا عايشاها دى، انا بعمل كل اللى انا عايزاه وبشترى كل اللى محتاجاه ومش محتاجاه، هتطلق وأخد مصروف شهرى؟ انا اتجننت ولا إيه بظبط؟

ايوة!! بس لقيتها!! انا فعلا إتجننت!

بقوم بسرعة من على الكرسى وبجرى على التليفون اكتب رقم موبايل انا فاكراه اكتر من إسمى وبيرد صوت مونى صاحبتى اخد منها رقم الدكتور النفسى بتاعها، مونى جالها هلع قالت لى إنتِ كويسة؟ قلتلها أصلى كنت بفكر فى الطلاق.. قالت لى لا إنتى كده محتاجة الدكتور ده وخليه يكتب لك Anti Depression بتاعي هايل بجيبه من أمريكا ولازم بكرة نروح نعمل لك Make Over!

Thursday, August 7, 2014

حكايات مرعبة للشباب: بثينة

خايفة بعد ما يعدّى بيا الوقت وابقى لازم ابقى عروسة، اقبل اني اشوف عريس ابن طنط نبيلة مع انى طول عمرى ضد الفكرة دى، ولما اروح مايكونش موجود بس أمه تقرر ان انا عروسة لقطة وبعد شهر اتجوز واحد ماعرفوش، مابيحبش ياكل الأكل سبايسى، مهندس فى حاجة عمره ما اتكلم فيها معايا بس الشهادة لله بيقول لى إدعيلى، وبادعيله وانا بقلّب الصلصة فى الحلة عشان تفك واقدر اعمل الغدا بسرعة عشان هو لسه راجع من الشغل..

يجيلى فى يوم طاير من الفرحة ويقرر انى ادخل البس عشان هنتعشى برة، أفرح وادخل البس ولما اطلع نتخانق ساعتين ان اد ايه الوان لبسي ملفتة للنظر، وفى الاخر نتعشى على السفرة ونطلب اكل من برة، يقعد ياكل ويقولى وهو الأكل فى بُقه ان جاله شغل فى الكويت وفرصة هايلة، معرفش ساعتها الفرحة هتجيلى لأنه هيحل عن نافوخي ولا عشان مطر الفلوس اللى هيجيلى ولا عشان انا فرحانة له بجد.

يسافر..مم.. نسميه محمد؟ ماشى محمد، يسافر محمد وسط زغاريد امه فى المطار ودموعها ان حبيب قلبها وروحها هيبعد عنها، طب ما تاخدها معاك يا محمد وخلاص ونبقى ضربنا عصفورين بحجر؟

ارجع البيت وابص فى كل حتة فيه انه هيبقى بتاعي انا لوحدى، هعمل اكل فى الوقت اللى انا عايزاه وانام بعد الفجر، احلامى كل ما اكبر بتبقى اقل من احلامى وأنا اصغر، لكن الحلو مايكملش.. ماما وبابا بعد جلسة عائلية مطولة يقرروا ان انا ست لوحدى وجوزي مش موجود والاحتمالات الوحشة كتير منها ان السباك يقتلنى وانا لوحدى او البواب يجيب قرايبه من الصعيد ويسرق الشقة لما انزل، يقوموا يجيبوا حاجاتهم وييجوا يقعدوا معايا.. واعمل الأكل لما بابا يرجع من الشغل واسمعه بيدعيلى وانا بقلب الصلصلة فى الحلة عشان تفك واعمل الغدا.

بابا بيدخل ينام بعد الغدا وماما تقعد معايا ويصعب عليها حالى انى يا حرام متجوزة مع وقف الإيقاف والتنفيذ، وتقعد كل يوم بعد ما بابا ينام تقوللى انى لازم اروح لجوزى.. مش يمكن يتجوز واحدة تانية عليا؟ واقعد بالأيام بقلب فى الريموت على فيلم حلو، لحد ما اقرر انى عايزة اخلف.. اهو حاجة العب بيها واشغل بيها وقتى بدل ما العمر بيعدى وانا قدام التلفزيون.. قبل ما انام مش ببقى عارفة دى فكرتى انا ولا فكرة ماما ولا فكرة بابا ولا وسوسة شيطان.. بس الأكيد انها فكرة مش وحشة خالص.

اقعد فى المطار مع أمى وابويا وحماتي عشان طيارتى كمان ساعتين، حماتي تقعد تأكد عليا اخد بالى من صحة محمد كويس ومستنية اخبار حلوة وتغمز..
اوصل الكويت ومالاقيش جوزي بس  الاقى سواق من الشركة اللى بيشتغل فيها مستنينى واسمى على ورقة، 
 تعدي الأيام ويبقى معايا عمر وأحمد.. الاولانى على اسم ابوه والتانى على اسم ابويا.

معرفش امتى بظبط اللحظة الفارقة اللى لبسي كله بقى عبارة عن عبايات لونها كالح.. بيج وكحلى وازرق باهت ورمادي فاتح وزود عليهم طرحة كالحة وتحتيها باندانا مدببة عاملة شكل مثلث عشان اطراف شعرى ما تبانش.
بننزل مصر اجازة اسبوعين كل صيف، وطبعا بنقضيهم فى مطروح مع امى وابويا وامه وابوه واخواتى واخواته وولادهم.. بفضل قاعدة على البحر تحت الشمسية بعمل فى ساندوتشات للعيال لما يطلعوا من المية عشان اكيد هيبقوا جعانين..وخلينا ماننساش "تُرمس" الشاى.

رجعنا مصر بعد غُربة طويلة نسيت فيها اعمل حواجبى، واى نوع من الإعتناء بنفسي، اصل تربية العيال صعبة، اه صحيح نسيت اقولكم انى حملت فى التالت غلط وإحنا هناك وطلعت بنت سميتها "جويرية".. عيالى شاطرين جدا بس طبعا زى ما كلنا عارفين يوم النتيجة لما بتسأل على درجاتهم بقول "الحمد لله نجحوا" اصل العين مابتسبش حد وبقيت بوصلهم المدرسة وقت الإمتحانات وافضل واقفة برة قلقانة وبدعي واستناهم يخلصوا واراجع معاهم الإمتحان..

بقيت بمسح عرقى بطرف العباية فى الحر وجوزى دايما بينده عليا بإسمه فى الشارع.