ملحوظة: نشر هذا المقال فى العدد السادس من مجلة 7 أيام.
هل تساءلت يوما
كشاب عربى ماذا لو أختك أو زوجتك –قبل الزواج- غير عذراء؟ غير ممكن؟
اذكر مقولة
الدكتورة نوال السعداوى فى العديد من كتبها اهمها "المرأة والدين
والأخلاق" ان عذرية الفتاة أهم عند المجتمع العربى من أخلاقها وعلمها
ومكانتها. فالكل مهتم فقط بنقطة الدم التى تنزف منها ليلة الزفاف، وكأن هذا دليلا
على أخلاقها الرفيعة وعلى تربيتها القويمة.. وهو ما يأخذنا إلى النظر إلى
المجتمعات العربية بأكملها ولا استثنى منها احدا، نجد ان معظم ما يتغنّى به الرجال
والشيوخ وغيرهم هو شرف الفتاة والمرأة..
مدى الإهتمام
الكبير بعذرية الفتاة ما هو إلا إنعكاس بسيط جدا لمدى تخلف وجهل المجتمعات العربية
بأهمية المرأة وقصر نظرتهم للنساء على جسدها وعلى شهوتهم تجاهها. فنجد الأفلام
العربية كلها من أهم مشاكلها الفتاة التى استغل براءتها الشاب تحت غطاء العلاقة
العاطفية وقطف أحسن ما فيها وهى عذريتها، وايضا الدراما العربية التى لا تخلو من
الدموع بسبب إغتصاب الفتاة وفقدها لأعز ما تملك ويدور المسلسل بأكمله حول كيفية
التستر على تلك الفضيحة من وجهة نظرهم.
وأصبح الشغل
الشاغل لكل فتاة عربية هو الحفاظ على ذلك الغشاء الرقيق الذى يعكس نتيجة تربيتها
السليمة، وأصبح بالدور شغل الشباب العربى هو البحث عن ذلك الغشاء الذى يثبت براءة
زوجته وحسن إختياره لعروسه، وبالتالى اصبح معظم الشباب بلجأون لأمهاتهم لثقتهم فى
إختيارها ليس للعروس ولكن لضمانة وجود الغشاء فقط! وغفل عن أذهان الأسر العربية
وشبابها ان الفتاة ممكن ان تمارس المعاملات الجنسية دون أن يعرف أحد منهم، خاصة مع
وجود العمليات "الترقيع" لإعادة عذرية الفتاة وأيضا الإختراعات الصينية
الجديدة التى تضمن نقطة الدم المقدسة حتى لو كانت الفتاة غير عذراء.
ومن سخرية تقديس
ذلك الغشاء أيضا، هو حصول الفتيات اللاتى يلعبن الجمباز والباليه والفروسية
والدراجات أيضا على شهادة من النادى والإتحاد بإمكانية فقدان عذريتهم نتيجة
لممارستهم لتلك اللعبة! وكأن تلك الشهادة هى الضمانة الأولى والوحيدة فى تبرءة
نفسها وأخلاقها أمام زوجها وشريك حياتها. ولا نغفل أيضا ذكر النظرة الدونية
للمطلقات كأنهم "فرز ثانى" لانهم لا يتمتعون بالغشاء المقدس.
ولكن ماذا لو
أصبحنا نحن جميع فتيات الوطن العربى غير عذراوات؟
ماذا لو لم يكن هناك غشاء بكارة؟
لو لم يكن هناك دليلا قاطعا على عذرية الفتاة؟
كيف كان سيختار الشاب العربى شريكة حياته؟
وقتها ستتساوى
نظرة المجتمعات للمرأة بالرجل، فالمجتمع يفكر في الرجال من ناحية التفوق المهنى
والدراسى والإجتماعى أولا، لأن لا يوجد دليل مادى على ثبوت بتولته، وبمساواة المرأة
بالرجل فى تلك المسألة سيكون العامل الأول الذى سيفكر فيه الشباب العربى عند
إختيار شريكة حياته هو الرقى الفكرى والإجتماعى والمهنى، ومدى توافقها مع أحلامه.
وهو بالضبط ما يحدث فى المجتمعات الغربية عند الزواج، فالإنفتاح الجنسي فى الغرب
جعل من عذرية الفتاة من عدمها مسألة تافهة لا تستحق النظر إليها بالنسبة لتفكيرها
وعقلها وإستقلالها بكيانها فى المجتمع.
ومن ملامح الإزدواجية فى تفكير الشباب العربى
"الحمش" أنه يقبل بكل سلاسة فكرة الزواج من أجنبية غير عذراء! عشان بس
"أجنبية" ولا يشغل تفكيره وجود الغشاء فى تلك الحالة من عدمه، إلا أنه
على الجانب الآخر لا يطيق تقبل فكرة ان تكون زوجته "العربية" أو أخته
غير عذراء..
وهو ما يدعو
للتساؤل عما سيكون رد الفعل إذا قمنا كفتيات بفض غشاء بكارتنا المقدس – دون ممارسة
جنسية- كلاعبات الباليه والجمباز والفروسية..
لن نزنى، لن نتعدى
على الدين.. بل سنتعدى على الجمود الفكرى المحاط بإناث المجتمعات العربية.. سنتعدى
على الأصنام التى صنعتها أمراض نفسية لمجتمعات فضّلت النفاق والرياء عن الشرف
والأخلاق..
دعونا كفتيات
نتخلص من تلخيص نظرة مجتمعاتنا العربية على قصر الشرف فى الجزء الأسفل من جسدنا
بدلا من عقولنا.
دعونا كفتيات
نتخلص من غشاء الجهل الذى لم تنجح الكتب والدعوات والإنفتاح فى خرقه..