Tuesday, November 26, 2013

فقط كرة القدم وأنيتا هنريك جوتنبرج!

هل تتذكر ذلك المشهد الشهير من فيلم التجربة الدنماركية عندما وصلت نيكول سابا إلى مطار القاهرة وهى بقى الست "البلونداية" ولابسة مش لابسة.. ذلك المشهد عندما ترك الجميع بما فيهم عمال المطار وضباط الشرطة والعريس وقت زفافه والكل تقريبا تركوا كل ما كانوا يفعلوه وساروا ورائها حتى غرفة نومها دون كلل او ملل..
هذا المشهد تحديدا قفز إلى مخيلتى عندما عرفت من بعض الاصدقاء ما حدث من اسبوع بالضبط، ليلة مباراة مصر وغانا.. مباراة العودة التى كنا نأمل بها الوصول للمونديال، ولكن طبعا طبعا لم نكن نستطع تسجيل خمسة اهداف.. فأفضل المتفائلين لم يكن يضع هذا الإحتمال فى الحُسبان. المهم، ان ذلك اليوم ايضا كان الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود والتى راح ضحيتها الكثير من شهداء.

وكالعادة سادت حالة من ادرينالين الثورة وقامت عدة اشتباكات بين المتظاهرين الذين نزلوا لإحياء الذكرى ومؤيدى السيسى الذين كانوا رافضين لأى معاداة للجيش فى تلك الفترة من قبل الثوار. المهم برضه ان مش دى المشكلة. بدأت الإشتباكات والمناوشات بين الطرفين حتى الساعة السادسة إلا دقيقة تقريبا، قرر الجميع وقف الإشتباك واتجهوا معًا مؤيدين ومعارضين لشاشة العرض الكبيرة فى ميدان التحرير وجلسوا على الارض سويا لمشاهدة المباراة..

تشيزى صح؟ يعنى مشهد كلاسيكى رومانسى ماشتفهوش غير فى السينما ولولا تم توثيق ذلك الحدث بالصور وبحكايات اصدقائى اللى كانوا هناك انا شخصيا مكنتش هاصدّق.

لكنها كرة القدم عزيزى القارئ، ساحرة مستديرة على حق يعنى! فقط كرة القدم استطاعت ان توقف إشتباكات ضارية وتجبر الطرفين انهم يقعدوا جنب بعض.. طبعا مش هنتكلم انهم بعد الماتش قاموا يضربوا فى بعض تانى.. لكن الأهم ان "ماتش كورة" خلاهم يتغاضوا عن اى اختلافات ما بينهم.

وهو ما لا يفهمه البعض من المتحذلقين اصحاب "ماتلغوا الكورة" او نأجلها شوية.. او اللى بيشوفوا الشعب اللى مهتم بماتش ده ناس تافهة لا ترقى لمستوى تفكيره العميق! الأخ او الأخت العميقة اللى شايفين ان كرة القدم شئ تافه كان ممكن ينزلوا الإسبوع اللى فات وقت ماتش مصر وغانا.. على الرغم من إننا كلنا كنا عارفين ان مستحيل نكسب ومستحيل نتأهل إلا ان الكافيهات والقهاوى على آخرها والناس متحمسة ومتوترة.. هيّصوا بعد جون عمرو زكى وفضلوا متنشنين مع كل هجمة فقط على أمل 1%..

كان فيه صورة لفتاة برازيلية ماسكة يافطة مكتوب عليها "لا نحتاج لكأس العالم.. نحتاج تعليم وصحة والأهم الإحترام"، ناس كتير لقيتها عاملينلها شير على فيسبوك، أنا افتكرتها مصرية فى الاول. الفكرة فى اللى نشروا الصورة عندهم كانوا بيعبّروا عن رأيهم عن ان احنا مش مهم نروح كأس عالم ولا ده من اولوياتنا، الفكرة مش فى مهم ولا مش مهم نروح كأس العالم، الفكرة اننا "محتاجين" نروح كأس العالم.. إنت عندك المواطن التعبان والجعان والزهقان والقرفان من البلد واللى فيها مفيش حاجة بتصبره وتقريبا مفيش اى حاجة بتقوّى كل شوية إنتمائه بمصر غير فرحة فوز المنتخب ونرفزته على اللعيبة عشان يعملوا هجمة صح يجيبوا بيها جون ويفكرّوه باللى باقى من حبه للبلد اللى عايش فيها بلا هوية.

رغم كل مرة على مدى السنوات اللى فاتت يكون منتخبنا عند سوء ظننا ويقعدوا يعشمونا وبرضه ما نتأهلش لكأس العالم إلا إننا برضه بنشجعه.. ما باليد حيلة، يعنى تبقى قاعد ومتكدّر وتشتم فى اللعيبة واحد واحد عشان يلعبوا كويس ويكون اداءهم زى الزفت لكن برضه حرقة الدم فى تلك الحالة ممتعة فى حد ذاتها. وعلى الرغم من فقر معظم الشعب المصرى إلا ان لو اتفتح باب تبرعات لمساندة المنتخب لأى سبب من الأسباب هتلاقى الناس بتتتبرع من فلوسها القليلة عادى جدًا.. مايجيش بقى حد مابيحبش كرة القدم يقوم قايل اننا ناس تافهة عشان بنحب الكورة.. خليك فى حالك يا كابتن، إحنا كده!

فقط كرة القدم وأنيتا هنرى جوتنبرج القادرين على تشتيت انتباه اى شخص فى مصر، اللى الناس مش واخدة بالها منه اننا شعب "كروى" بطبعه.

1 comment:

  1. فكرة رائعة .. معالجه بديعة .. تحليل ممتع

    ReplyDelete