Saturday, January 26, 2013

انا من المسلمين الجدد


ملحوظة: نشر هذا المقال في العدد الأول من مجلة 7 أيام.

كتبت هذا المقال بعد تأثرى الشديد بمقال قرأته للكاتب عمر طاهر "سيدى رسول الله" فى كتابه "رصف مصر"..

أحببت أن أضيف على المقال المزيد والمزيد، مما رأيته خلال العشرين عامًا فقط من عمرى من اضطرابات وتناقضات، أدت بى إلى حالة من الذهول والاكتئاب وعدم الاتزان والاحتياج الشديد للأجوبة، وشخص واحد يخبرنى بأن "متقلقيش كله هيبقى كويس".

أنا من المسلمين الجدد، الذين ولدوا ليجدوا أنفسهم على دين آبائهم وأمهاتهم، دون أن يشكوا للحظة فى أنهم يعبدون الفراغ المطلق.

أنا ممن لم يقرأوا جيدًا فى نظرية "النشوء والارتقاء لداروين"، حتى لا يدخل أى شك قلوبهم، فما سأقوله لاحقًا، سيجعل من نظرية داروين مسألة تافهة، لا تستحق الكلام والمناقشة فيها.

لا أعرف إذا كان ما أكتبه سيصنف كمقال ازدراء أديان فى ظل الجو الضبابى والظروف العبثية غير المنطقية التى نعيشها..

لا أعرف إذا ما كنت أكتب هذا المقال للقراء.. أم كرسالة خاصة إلى الله وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم.
لا يهم.. فأنت أقرب إلىَّ من حبل وريدى.

أنا من المسلمين الجدد، الذين رأوا العديد من الفتيات يرتدين الحجاب، "وبينزلوا القصّة عشان زى ما إحنا عارفين كلنا شعرهم حرير جدًا وبيتزحلق"، ويتعاملن مع غير المحجبات بنظرة دونية، وكأنهن أقل منهم إيمانًا أو احترامًا "برضه بغض النظر عن القصّة".

أنا ممن انطلقوا فى المجتمع وسراديبه، واكتشفوا وجود ديانات أخرى قبل وبعد الإسلام، لا تختلف مبادئها عن مبادئ دين الإسلام.

أنا ممن تعلموا فى مدارس الراهبات، ليجدوا أنفسهم أكثر التزامًا واحترامًا وإيمانًا وتسامحًا، من الذين تعلموا فى أعلى المدارس الأزهرية.

أنا من المسلمين الجدد الذين يشعرون بالسكينة فى الجامع والكنيسة على حد سواء.

أنا ممن تعاملوا مع المسلم والمسيحى والملحد والبهائى، على حد سواء، دون النظر ثانية فى ديانتهم أو النقاش فيها أو التطرق إليها، أنا من تعلم عدم السؤال عن ديانة من أتعامل معهم لأنها لا تعنينى.

أنا من المسلمين الجدد الذين يرون أن لكلٍ من المسلم والمسيحى واليهودى والبهائى والملحد الحق فى العيش والحياة فى مصر، والتساوى فى حقوقهم وواجباتهم مع مسلمى مصر، وأن يمارسوا شعائرهم بحرية.

أنا من المسلمين الجدد

أنا ممن رأوا الشيخ حسين يعقوب "يشخط" و"ينطر" ، وهو يمارس هواية علو الصوت فى فيديوهاته صارخًا فى وجهى "لست حرة! لست حرة"! على الرغم من مجىء دينك وإسلامك ليمحو العبودية ويكرس مفهوم التفكير والمنطق والتساؤلات.

أنا من رأى الشباب يشرب الخمر ويمارس الرذيلة بمختلف أنواعها، ويسب دينك على سبيل المزاح، ولكنه ينتفض ليعطى صوته للأحزاب الدينية الإسلامية فى الانتخابات، ليكفر عن ذنوبه "ويكفر عيشتنا إحنا معاه".

أنا ممن شمّوا روائح ذوات الخمار والحجاب، وذوى الجلابيب الكريهة، وذقونهم غير المهذبة وأساليبهم غير الإسلامية، ولكنهم أفضل منى مكانة عندك على حد قولهم.

أنا ممن تشوشوا بكل الأحاديث المغلوطة غير المنطقية، التى صدّرتها الحركة الوهابية، وتداولها الناس خوفًا منك قبل أن يكون حبًا فيك.

أنا من المسلمين الجدد الذين رأوا كل مشايخ العصر، لا يتحدثون إلا عن مفاتنى، وعن جسدى، وعن جواز مضاجعتى وأنا فى التاسعة وأغفلوا دورهم فى تنوير عقول المجتمع ونشر الموعظة الحسنة بالدعوى.

أنا من المسلمين الجدد الذين إذا عملوا "شير" على صفحات فيسبوك وتويتر ستملأ صحفهم بالملايين من الحسنات.. وإذا لم أنشرها فإنى إذن سيئاتى وشيطانى تغلبا على.

أنا ممن كنت أبكى على حال "ست البنات"، التى تمت تعريتها فى أحداث مجلس الوزراء أثناء قيام "الشيخ" خالد عبد الله بالسخرية منها، والخوض فى عرضها، دون أن تنتابه لحظة من لحظات الأسف أو الندم.. ألسنا كالقوارير يا شيخ؟.

أنا من المسلمين الجدد الذين يرون العديد من القنوات الدينية مليئة بإعلانات الفياجرا وتكبير حجم الثدى، ورأيت شيخًا يدّعى العلم والإسلام يناشد الناس بإرسال رسائل نصية "sms" على قناته لنصرة الله ورسوله.

أنا من المسلمين الجدد الذين ينطبق قول رسولك الكريم عليهم "يأتى على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر". رواه الترمذى.

أنا قابضة على جمر يحرق كل تفكيرى وعقلى ومنطقى ونفسى، وأنا أرى شيخًا يجمّل أنفه ويكذب، وآخر يقبض عليه بفعل فاضح فى طريق عام وآخر يصف أصدقائى المسيحيين "بالش***** الأنجاس".

أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا قد كفرت بكل مسلمات ومقدسات وتفكير مجتمعى، الذى يدعى الإسلام فى ظاهره.. وفى باطنه ما هو أقذر وأوسخ!


سأظل قابضة على جمرتى، على أمل ألا تذوب يدى قبل يوم الحساب، سأظل قابضة على جمرتى، حبًا فيك وفى طاعتك، وأملاً فى مغفرتك وتسامحك، الذى سيفوق كل الحدود والآمال والحسابات والتوقعات.

17 comments:

  1. Mirna...i have no words to say enough how you are great !

    ReplyDelete
  2. عندكـ حق.
    ربنا يلهمك ويلهمنا الإيمان والثبات والصبر.

    ReplyDelete
  3. very touching and real, well said, Mirna

    ReplyDelete
  4. مافيش كلام يتقال بعد اللى اتقال

    ReplyDelete
  5. بارك الله فيكى يا ميرنا و ألهمك الصبر و الصمود و العلم و البصيرة يا إبنتى ... كم أتمنى أن أرى إبنتى ذات الأعوام الخمس يوماً فى مثل جمال فكرك و ثبات عقيدتك و نور بصيرتك. حفظك الله لوالديك

    ReplyDelete
  6. مقال جميل يا ست الكل..

    ReplyDelete
  7. كأنكِ تتحدثين عني :)

    رائعة :)

    و مبروك نشر المقال ..يستحق

    ReplyDelete
  8. احنا اللى بيكتموا نفسنا لو حاولنا نفكر بصوت عالى...اللى بيترعبوا من نظرتنا لحياتهم

    مقالتك حلو قوى

    ReplyDelete
  9. رائعة يا ميرنا
    حالنا كلنا ..

    ReplyDelete
  10. مفهمتش يعني انتي مسلمه ولا مسيحيه

    ReplyDelete
  11. مفهمتش يعني انتي مسلمه ولا مسيحيه

    ReplyDelete