Friday, January 10, 2014

قاهرتى وقاهرتكم

مدينتى الأصلية هى الأسكندرية.. كل العائلة سكندرية الاصل ومستقرة هناك، لم اضطر إلا العيش والتأقلم فى القاهرة إلا بسبب شغفى وحبى لعملى الذى بسببه تركت ورائى كل ما يهمنى فعلًا فى الأسكندرية.. اصدقاء وتجمع عائلى وذكريات، الأسكندرية بصغرها وجمالها و"حندقتها" وكورنيشها.. ولم أندم يوما على قرارى هذا.

علاقتى بالقاهرة بدأت منذ صغرى، كان لوالدتى أعمال كثيرة هناك.. وبطبيعة حال العيال كنت بشبط فيها، مجرد سماعى كلمة "القاهرة" كانت بتدب الأدرينالين فى جسمى وعنيا بتنوّر.. والطريق الصحراوى لم يكن مأفئفا بالنسبة لى على عكس باقى المشاوير التى كنت اذهب إليها مع والدتى..

طلعة المحور كانت اشبه لى بمدينة فى عالم الكارتون تفتح لى ابوابها مرحبة بى "ويلكام تو كايرو!"، كانت القاهرة بالنسبة لى الدنيا وآخرها.. كنت انظر بذهول وإنبهار إلى الإعلانات الضخمة المزينة جانبى المحور وكوبرى أكتوبر.. بالتأكيد اسعد شعوب العالم تعيش هنا فى تلك المدينة.. من يطلب أكثر من كوبرى طويل جدًا وإعلانات مضيئة ضخمة وأماكن كتير تحتار تروح فين الأول وتبدأ بإيه وتنهى يومك فى أى منطقة..

كانت القاهرة هى مدينة الأحلام ومدينة السينما والتلفزيون، كنت دائمة التصور ان فى السيارة التى بجانبى عادل إمام وفى السيارة التى أمامنا سعاد حسنى وقد قررت العودة من لندن وتحت هذا الكوبرى بالتأكيد يتم تصوير مشهد من مشاهد أفلام العيد الجديدة.. كنت ميرنا فى بلد العجائب!

كبرت ونضجت واصبحت فى المرحلة الثانوية.. فإذا بصديقتى فى المدرسة تدعونى أنا وصديقتنا نورا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بالقاهرة حيث تسكن جدتها، فى تلك الفترة ايضا كان من يذهب منا إلى القاهرة ليقضى فيها يوما هو "أصيع" وأجمد حد فى الشلة.. وكنت بكل زهو وفخر اذهب إلى المدرسة وأحكى عن رحلتى أمس مع أمى فى تلك المدينة.. وبالفعل ذهبنا مع صديقتنا إلى القاهرة وقضينا يومها اسعد نهاية عطلة.. ورجعنا "صايعين" وجامدين ومحدش أدنا ولا زينا!

كانت "قاهرتى" جميلة وهادئة ومليئة بالحماس والفرح والأمل.. المدينة التى تحقق كل شئ.. المدينة التى غالبًا كل سكانها هم الممثلين والمطربين.

كبرت ونضجت وانتقلت للقاهرة.. المدينة الترابية ذات الزحام الخانق، رأيت فى السيارة التى بجانبى رجًلا يسب ويلعن والسيارة التى أمامى سيدة قررت انها تتخانق مع عيالها فى نص الطريق.. انتقلت للقاهرة الضيقة التى لا اجد بها اى جديد او إبداع.. ادركت انها لا تختلف كثيرا عن الأسكندرية.. الأسكندرية اضيق لكن على الأقل بها ذكريات تجعل من كل ركن فيها رتيبا لكن بطريقة مختلفة تجعلك تبتسم..

انتقلت للقاهرة التى تقضى على آمال وأحلام الشباب، القاهرة التى يُسرق فيها الناس عينى عينك.. وتُترك لوحات الإعلانات زى ما هى بالشهور دون تغيير وتجديد.. اصبح الكوبرى الطويل أطول وأطول حتى اصبحت اقضى عليه ساعتين مثلًا..

هى بالفعل إسم على مسمى.. "قاهرة"، تقهر الجميع وتبقى هى.. لا تهاب شيئا، قد يكون كلامى معبر عن قروى ساذج ترك الارياف وذهب للبندر.. لكنها كانت احلام بريئة لم يلوثها عادم الأتوبيسات وسباب الميكروباصات..

ضقت بالقاهرة وضاقت هى الأخرى بنا.. وبى أنا تحديدا، لم تعد بالنسبة لى "لاس فيجاس الشرق"، مات الحماس وتوقفت عقارب الساعة.. وأصبحت اعيش على مشاهد لا تتعد الثوان.. مشاهد رأيت فيها القاهرة الحالمة والرائعة والمضيئة.. القاهرة التى كنت انتظرها بالأحضان فإذا بها الآن تبتلعنى وسط زحامها..

3 comments:

  1. العيب مش ف القاهرة العيب ف الوافدين عليها من كل مكان من الصعيد والفلاحين هما اللي ضيعوا القاهرة
    بدليل ان افضل ايام تكون فيها القاهرة في قمة جمالها هي ايام الاعياد لان الفلاحيين بيكونوا غاروا فداهيةعلي كفورهم وقراهم
    لو كان دخول القاهرة بفيزا لاصبحت افضل من باريس ولندن ولكن المشكلة ان كل واحد عايز يسترزق بييجي القاهرة وفاكرها الخليج
    مع العلم ان سكان القاهرة الاصليين زي السيدة زينب ومصر القديمة وشبرا هم اجدع ناس ف مصر

    ReplyDelete
  2. محمد عيسى كلامك بيدل على أفقك الضيق واختصار المشكلة فى وجهة نظرك على الوافدين
    للأسف القاهرة بما هى عليها يرجع لأسباب عدة أولها الفكر المركزى العقيم
    فمركزية الخدمات من وزارات وخدمات عامة وخدمات صحية يجعل من القاهرة الوجهة الأهم لكل المصريين
    من رأيي لحل هذه المشكلة إما نقل الخدمات المركزية والهامة إلى خارج القاهرة ، أو أن يتم نقل العاصمة نهائيا لمحافظة أخرى

    أخيرا شكرا على التدوينة الرائعة

    ReplyDelete
  3. قلبتي عليا المواجع و فكرتيني بل الحوسة ألي بشوفها عشان اخد تصريح سفر ، خط العباسية -تحرير حفظته بمطباته و حفره و اعلاناته المصدية
    دي غير زحمة ... يا ساتر ‎:/‎

    ReplyDelete