Saturday, February 16, 2013

قصة حياة قصيرة

نشر هذا المقال فى العدد الرابع من مجلة 7 أيام.

إستيقظت من نومي كالعادة منكوشة الشعر وبعين واحدة أبدأ اتحسس معالم غرفتي الضبابية.. صحب نهوضي من فراشي تهليلات وتكبيرات صامتة مني.. تعودت على عدم إستيعاب عقلي في الساعات الأولى من الصبح قبل كوب القهوة بالحليب..

صمت يسود الشقة، لا أعلم إذا يوجد أحد من عائلتي بها، اخرج للشرفة فأجد أمي تتحدث في الهاتف المحمول كعادتها الصباحية.. كثرت تجاعيد وجهها على غير العادة، ربما لم تضع مكياجها بعد، ولكن تجاعيد وجهها ظهرت على غير المعتاد.. قبلتها على جبينها ولكنها كانت منفعلة في مكالمتها مع احد الأشخاص، فلم تشعر بقبلتي.. سألتها عن كوب قهوتي فلم تجب أيضا.. لا أمل منها وهي تتحدث في هاتفها..

اذهب إلى غرفتي وأرتدي ملابسي على عجلة من أمري كعادتي، فأنا دائما متأخرة في مواعيد عملي.. اتقفد هاتفي لأرى كم عدد مكالمات رئيسي الذي اظن انه يسب في حاليا بسبب تأخيري الذي اعتاده. لا توجد مكالمات.. فقط رسائل من أشخاص على غير العادة، لم يتذكروني منذ مدة خاصة بعد إبتعادي عنهم بعد إنغماسي في عملي..

نزلت من الشقة ومازالت أمي تتحدث في الهاتف فلم تعي إنتباها لنزولي.. دخلت الأسانسير، يتوافد الجيران إلى الأسانسير ويزدحموا على غير العادة حتى كدت اصبح "بوستر" على المرآة.. خرجت متأفئفة حتى نسيت ان اصبّح على عم عادل..

وقفت في الشارع منتظرة تاكسي، أكره رحلتي في البحث عن تاكسي في ظل زحام شارع صلاح سالم الخانق.. يقف الأتوبيس وينادي الصبي "رمسيس رمسيس" وأنا ارد كالعادة "لأ شكرا".. لا يتوقف عن إلحاحه في كل مرة!

يمر بجانبي شاب يتوقف ليسألني عن طريق للكوربة.. اشرح له الطريق، وجهه مألوف جدا ولكني لا أتذكر أين او متى قابلته..

توقف تاكسي اخيرا، ولكنه وقف لسيدتين ذاهبتين للمهندسين على حظي.. ركبت مسرعة في التاكسي رغم إمتعاضي من وجود زبائن غيري في تاكسي ابيض! لا يهم.. اي مخروبة توصلني الشغل بسرعة وخلاص.

وصلت لمكتبي بعد زحام غير طبيعي على كوبري 15 مايو.. دخلت مكتبي لأجد فتاة لا اعرفها جالسة على مكتبي! كل ما دار بذهني ان انفجر في وجهها "إنتي مين إنتي كمان وإيه اللي مقعدك هنا؟".. إلا إني وجدتني اتحدث إليها بعفوية غاضبة "صباح الخير!!".. طبعا ضاع صباحي مع وجود سماعاتها في أذنها.. حتى ملعبي الأخضر "الهاند ميد" لم أجده على حائطي.. انا إترفدت ولا إيه؟ رئيسي في العمل لم يأت بعد.. لملمت اشيائي بسرعة ونزلت من المكتب وعفاريت الدنيا بتتنطط في وشي.. دي مين دي عشان تقعد على مكتبي من غير لا إحم ولا دستور؟

قررت الرجوع لمنزلي حتى اتحاشى الصدام مع اي مخلوق.. أفتح باب الشقة بعنف حتى كاد المفتاح ان ينكسر في "طبلة" الباب.. أدخل الشقة لأجد أمي جالسة على أريكة الصالون وتبكي بحرقة لم اراها يوما.. جلست بجانبها متسائلة "مالك؟ حصل إيه طيب؟".. همهمت والدتي بكلام غير مفهوم"..هل هي هرمونات صباحية؟ لم تكن أمي يوما عاطفية لهذا الحد.. لم أهتم..

اذهب لغرفتي في هدوء وتركت أمي مع أحزانها التي لا استطيع تحملها وسط غضبي وإحتقاني من رئيسي ومن الفتاة اللولبية التى اقتحمت مكتبي بدون علمي..

أتذكر اخيرا الشاب الذي سألنى على طريق الكوربة.. إنه أحمد، جارنا الذي تعرض لحادثة مفجعة الاسبوع الماضي وأنا تحت بيتي عائدة من عملي بعد مكوثي في التاكسي ساعتين بسبب حادثته.. اغمغم ممتعضة "طب والله كويس إنه طلع سليم.. زي القرد اهو.. ماخدتش منه غير العطلة بس". يرن هاتفي، احاول الرد على المكالمة ولكن لعن الله التليفونات التاتش.. التليفون علّق.. 

أفتح حسابي على فيسبوك لعلي ارى ما يبهجني في هذا اليوم المقندل.. اجد معظم أصدقائي وقد اتشحت صور "البروفايل بيكتشر" خاصتهم بصورة مصاحبة بشريطة سوداء.. خير!! شهيد تاني؟ الناس بقت حساسة وثورجية فجأة ليه؟

أفتح بروفايل "شادي".. فأجده واضعا صورتنا انا وهو على قهوة في وسط البلد، إبتسمت اخيرا.. أفتح الصورة لأجد تعليقه.. "وحشتيني".. أسرع خارج غرفتي لأطلب من أمي تحضير الطعام.. أقترب منها أكثر لأجدها ممسكة بصورة ولا تكف عن البكاء..

تسّود الألوان من حولي بسرعة ليغشى عليّ في منتصف الشقة.. غالبا بسبب قلة الأكل.

لا أشعر بنفسي إلا وأنا في مكان ضيق ويتواري التراب عليّ وصوت قرأن يتعالى.. ثم أخذ الصوت يخفت رويدا رويدا حتى اختفى تماما.. وجدتنى واقفة فى الفراغ لأجد أحمد جارنا بجانبي يهمس لي مبتسما بحنية "ماتخافيش.. انا مريت بكل ده الأسبوع اللي فات.. ماتقلقيش، إن شاء الله تكوني جارتي كمان فوق"..

4 comments:

  1. 7lwa awy :) w di da3wa 7lwa ts7y 2l damer

    ReplyDelete
  2. It is great...thanks that I can read your BLOG

    ReplyDelete
  3. راااااااااااااااااااااائعه

    ReplyDelete