Saturday, February 9, 2013

بلا حقوق بلا خرا

ملحوظة: نشر هذا المقال فى العدد الثالث من مجلة 7 أيام.

قال الرئيس الأمريكى أوباما فى جزء من خطاب فوزه بولاية ثانية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية:
"نحن أغنى دولة على الأرض، ولكن أموالنا ليست سبب ثرائنا..
نحن أقوى دولة على وجه الأرض، ولكن ليست قواتنا المسلحة سبب قوتنا.
نحن لدينا جامعات يقصدها راغبو العلم من أنحاء دول العالم ويحسدنا عليها العالم، ولكنها ليست سبب مجىء المهاجرين إلينا.. إن سبب ثرائنا وقوتنا ورغبة الكثير من شتى بقاع الأرض فى الانضمام إلى مجتمعنا هو وحدتنا، وتنوع طوائف مجتمعنا فى ظل ثقة عميقة وإيمان أعمق بالحرية والمساواة وتكافؤ فرص النجاح لمن يرغب فى العمل الجاد والاجتهاد، فلا يكون هناك تفرقة بين أبيض أو أسود، رجل أو امرأة.. تلك هى قوتنا وثراؤنا
".


وعند سؤال مذيعة مصرية لرجل عجوز عن التمثيل النسائى فى البرلمان كان رده:
"أنا عايز أتكلم بس فى نقطة أهم، بلا مرأة بلا خرا.. أناشد رئيس الهيئة بدل ما هو قاعد يقوم يتنيل يشوف الأتوبيسات، أمك قاعدة تلات ساعات أبوك قاعد ساعتين، حرام عليك خلّى عندك ضمير، شوف الأتوبيس وشوف الناس الغلابة، فاتح ولا قافل يا ولا؟ - موجهًا كلامه للكاميرا مان- قوم اتحرك واتنيل على عينك وعين اللى جابك، الأتوبيس بياخد تلات ساعات وإحنا قاعدين مستنيينه وبعدين عايز تتنيل تبقى زى حسنى ولا ألعن منه؟ بس يا اختى كفاية كده أوى!".
وقفت عند كل من الكلمتين.. كلمة الرجل العجوز المصرى وكلمة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

واكتشفت أن بلا مرأة بلا خرا فعلاً!

حقوق المرأة التى تناشد وتنادى بها السيدات ما هى إلا مشكلة ضئيلة من مشاكل المجتمع ستحل تباعًا لحل المشاكل المتصلة بمشاكل المجتمع الجوهرية الأخرى.. وهل مشكلة المرأة ليست جوهرية؟

حقوق المرأة لن تجدها فى مجتمع مازال يتاجر فى العبيد.. عبيد إيه؟ الرقيق وسوق عكاظ خلصوا من زمان، الحقيقة إنهم مخلصوش ومش هيخلصوا.

مازلنا حتى الآن نصدر ثروتنا البشرية إلى دول الخليج، كى يعملوا سائقين لذوى المقام الرفيع من الأسر السعودية، فقط بحثًا عن المال.

مازالت النساء والأطفال فى الأرياف يشحنون على "عربيات نص نقل" صيفًا وشتاءً فى الفجر، ويساقون كالأغنام على الأراضى الزراعية ليجنوا المحصول ويحرثوا الأرض.

مازال الأطفال يعملون بعد وقت المدرسة لكى يساعدوا عائلتهم فى توفير نفقاتهم الشهرية.

والحقيقة، أنه لم يأخذ أحد فى هذا العالم حقه إلا بالصراع.. صراع حياة أو موت كى يأخذ حقوقه كاملة، فى حين أن النساء لم يصارعن.. إلا صراعات لشخصيات فردية فى العالم العربى.

لم تثبت أى من النساء قدرتها على إدارة هذا العالم الذى تطلق على نفسها أنها نصفه.. فعلى الرغم من وجود أكثر من 50% سيدة معيلة لأسرتها فى مصر، فإنهن لم ينتفضن مطالبات بحقوقهن التى تفرضها عليهن مسئوليتهن.
لم ينتفضن، بل قررن أن يجلسن ليشاهدن نساء أخريات يصارعن ولا يفعلن شيئًا إلا التعاطف معهن.. أو بـ"شير فى الخير" على صفحات فيسبوك وتويتر.. فلم تتحرك النساء فعليًا فى مصر لكى يثبتن أنها فعلا نصف المجتمع، أو أنها قادرة على تولى نفس مهام الرجال فى كل مجالات الحياة.. بل منتظرات مادة فى الدستور تعطى لهن أبسط حقوقهن ألا وهو الحق فى العمل مثلا!

أعطى الدكتور محمد مرسى وعدًا بأن يكون أحد نواب الرئيس امرأة.. ولم نر نائبة الرئيس التى وعد بها مرسى، خاصة بعد تصريحات الدعوة السلفية وبعض الإخوان بعدم جواز وجود امرأة فى منصب رفيع فى الرئاسة.. هل نفهم من ذلك أن مرسى اختار أقرب الناس إليه، ألا وهى أم أحمد كى تكون نائبته؟

"الحقيقة يا أم أحمد أنا فيه موضوع كده موغوشنى عايز آخد رأيك فيه.. نقفل المحلات ولا منقفلش؟".

وظهرت مؤخرًا على فيسبوك صفحة "انتفاضة المرأة فى العالم العربى" مزودة بصور نساء ورجال ممسكين بأوراق يعلنون بها تضامنهم مع الحملة.. يا فرحة أبلة ظاظا فيّا!

الانتفاضة لم تكن يومًا انتفاضة إلكترونية.. ولكم فى الانتفاضة الفلسطينية عبرة!

لن يكون لحقوق المرأة مكان فى مجتمع لا تدرك فيه نساؤه حجم تأثيرهن فى المجتمع، حجم قدرتهن على تغيير وإعادة هيكلة ثقافة وشكل مجتمع بأسره.

ولى عدد من الصديقات المرتبطات سواء زواجًا أو خطبة أو علاقة عاطفية.. كل مشكلتهن أن جوزها/خطيبها/صاحبها.. مديلها حق اتخاذ القرارات والتفكير.. طب إيه المشكلة؟ لأ، أنا عايزة راجل كده يقول لى اعملى ومتعمليش.. مش سايبنى كده وخلاص! أكيد مش بيحبنى.

إن القوة فى المجتمع المصرى لا تتمثل فى الجماعات الإسلامية كجماعة الإخوان والدعوة السلفية وغيرهما، قوة هذا المجتمع تتلخص فى شبابه الغارق فى الحشيش والبحث عن عمل لائق براتب يكفيه لنصف الشهر ونساؤه اللى مش حاسين ومش عارفين إنهم قوة أصلا.

إن الحل فى مشكلة حقوق المرأة هو أن تعرف المرأة أصلاً إن ليها حقوق.. إنها تبقى عارفة إنها تقدر تغير ثقافة مجتمع بأسره عن طريق الأجيال اللى بتحملها وبتربيها، إن لا ضل الراجل ولا ضل الحيطة هينفعوها، الضل الوحيد اللى ممكن يحميها هو ضل تفكيرها من صحراء الجهل المحيطة بيها فى كل مكان.

لحد ما تعرف المرأة أنها كيان مستقل وتعرف وتقتنع إن ليها حقوق دعنا نردد معًا بصوت عالٍ متشابكى الأيدى "بلا حقوق مرأة بلا خرا"!

2 comments: