Monday, May 6, 2013

ديكتاتورية الجماهير!

قرأت مرة – وأعذرونى إن كنت كل مرة اتحدث من خلال كتاب او قصة قرأتها فما فى سنواتى خبرات إلا من خلال الكتب- ان الفنانة شهيرة كانت تؤدى دورا على المسرح فقاطعها الجمهور اكثر من مرة فشتمتهم وانسحبت من على خشبة المسرح.. اليوم التالى لم تهدأ الجرائد واقلام الصحفيين قامت ماقعدتش، واتهموها بالغرور ونكران جميل جمهور صنعها كفنانة. فى تلك الحادثة لم يكن هناك اصوات من العقلاء اللهم إلا قليلين منهم الناقد السينمائى الراحل سامى السلامونى الذى قال "من حق اصغر كومبارس ان يصغى إليه الناس ويحترموه، لكن هذا الجمهور المتوحش الذى يعتقد انه اشترى كل شئ بفلوسه يستحق ما فعلته شهيرة!"

ولم تكن تلك الواقعة الوحيدة التى احتد فيها مؤدى او مغنى او ممثل على جمهوره، فنحن نذكر جميعا واقعة غضب العندليب عبد الحليم حافظ من شخص فى القاعة اخذ يصفر ويطلب من عبد الحليم ان يغنى بدلا منه إثناء غناءه قارئة الفنجان. وهو ايضا ما جعل الصحف تنتفض وكأن لم يكن من حق عبد الحليم ان يغضب أو يحتد على مضايقات صبيانية من شخص رزل.

اعتاد الجمهور عامة ان يصنع من نجومه المفضلين ملائكة فى خيالهم، فلم يصدق احد فى تلك الواقعتين ان عبد الحليم يزعق او يشخط او يتنرفز ولا شهيرة تشتم.. إزاى؟ ده أنا لولا إنى بتفرج عليها مكنتش شافت المسرح ده ولا السينما..

وحتى بعيدا عن عالم الغناء او التمثيل، فيه جملة مستفزة جدا على الأقل بالنسبة لى يرددها مشجعى الفرق الكروية الكبيرة مثل الأهلى والزمالك وهى "نحن من نصنع النجوم ولأجلنا تلعب كرة القدم".. احترم حب الجمهور لفريقه جدا وعلى عينى وراسى، لكن مش صح إن هو اللى بيصنع نجومه.. الموهبة هى من تصنع النجوم والموهبة هى اللى بتخليك تتفرج عليه.

ممكن تختلف معايا عادى جدا وتقولى ان الجمهور هو من يصنع الممثل والمغنى ولاعب كرة القدم، لكن الفكرة ان المعادلة صعبة ان نشيل منها طرف من أطرافها الا وهما الجمهور والمؤدى.. الإتنين مع بعض بيكملوا المعادلة اللى فى الآخر بينتج عنها فيلم حلو، مسلسل جذاب بأحداثه، ماتش حلو قاعد مستمتع بيه.

لكن اللى ماينفعش حد يقبل ان نختلف عليه، ان محدش بيشترى حد بفلوسه، ومحدش بيضرب الجمهور على إيده عشان يدفع فلوس ويشترى تذكرة سينما او يقعد وقدامه اللب والسودانى يتفرج على سعد إدى مين فين، أكيد أنا كممثل هبقى مبسوط بتقدير جمهورى ليا اللى بيقتسم من وقته جزء يتفرج فيه عليا.. لكن أنا اللى بمتعه! موهبتى اللى بتخليه عايز يكمل الفيلم وتفضل إفيهاتى على لسانه لفترة كبيرة من الوقت.

وحتى لا ننسى، تذكر معى كم الأفلام التى حققت إيرادات رهيبة، وهى فى الآخر فاضية، ولا أعنى بذلك الدخول فى تصنيف "الفن الهادف" لإنى مش بعترف بالمسمى ده.. لكن فيه فرق برضه! اعدلك كام فيلم هابط بمعنى هابط ومافيهوش قصة ولا سيناريو ولا حوار ومافيهوش اى ابداع والجمهور هو اللى نجحه؟ وفى المقابل عد معايا كام فيلم مخدش حقه فى الإيرادات والمشاهدة السينمائية لكن لما اتعرض فى التلفزيون حقق نسب مشاهدة عالية جدا!

يعنى مثلا، خلينا نتخيل ان ممثلى السينما والتلفزيون والمسرح والمغنين ولاعبية الكرة اضربوا عن العمل، خلاص شكرا شطبنا مش هنشتغل.. تخيل حياتك! تخيل نفسك قاعد قدام هالله هالله بيحلل فى ماتش من سنة 60 حفظته.. تخيل نفسك قاعد قدام نشرات التلفزيون المملة مابتسمعش ومابتتفرجش غير على اخبار، إفيهات قديمة من افلام قديمة حفظتها وشفتها بدل المرة الف..

من أبسط القواعد الإحترام ان تصغى لشخص يتحدث معك، فما بالك بشخص يمتعك؟

لا اتجنى على الجمهور، على عينى وراسى برضه.. لكن جنون العظمة اللى بقى مسيطر على معظم الناس اصبح مخيف! وإحتكار شخص ما لمجرد إنك معاك شوية فلوس هى اللى بتنجحه بقى بيدمر شوية شوية اى إحساس بموهبة وإحساسك بشخص بيبذل مجهود فى حاجة بيحبها وحاجة موهوب فيها وكمان بيمتعك بيها وبيفرحك..
 
عفوا عزيزى الجمهور.. لست من تصنع النجوم ولا النجاح ولست مقياسا حقيقيا، ولو على الفلوس.. إشتريلك بيها مكنة صينى إلعب بيها فى صلاح سالم بعد الساعة 12 احسن!

ملحوظة: نُشر فى العدد الـ16 لمجلة 7 أيام.

1 comment: