Tuesday, June 4, 2013

إيه؟.. العب باليه!

كان صغيرا ووحيدا ضئيل الحجم، لم يكن له من الأصدقاء إلا نفسه.. ولم يكن يحب المدرسة ايضا، كانت المدرسة بالنسبة إليه الكابوس الأبدى، حاول مرارا وتكرارا مع والدته، مرة بإدعاء وجع البطن والمرة الأخرى بالبكاء الحار الذى لا ينقطع طوال الطريق للجحيم المدرسى، إنطوائي وإنعزالى و"زى ابوه" كثيرا ما نعتته والدته، ولم يكف ايضا ابوه ان يطلق عليه "العيل النكدى" لكن كلا منهما لم يعرفا ما يحدث له كل يوم يذهب فيه إلى المدرسة..

"خُد آلا! تعالى هنا"

كانت تلك الجملة تخترق اذنيه وترعش كل جسده كلما سمعها وكلما تخايل بأحد الوحوش اللى معاه فى الفصل معديين من قدامه، ضآلة حجمه جعلت منه فريسة دسمة للأطفال طوال القامة وزملائه فى المدرسة.. ينكب على وجهه ويطرقه إلى الاسفل وهو يجر اذيال الخوف متجها إليهم..

يرد بصوت خافت "نعم؟"

يمسكه احدهم من ياقة قميصه الباهت.. "قول إيه يالا"

يصمت وينظر إلى وجوههم فى استعطاف آملا ان تنقذه صعقة من السماء تخترق مخ ذلك الطفل الرزل ويحوله إلى اشلاء.. يردد "إيه" بصوت خافت، فيفاجأ بقفا بوابين يهبط عليه..

"قول إيه بصوت عالى!"

"إيه.." يقولها بصوت اعلى فيفاجأ بقفا اخر يهبط عليه والطفل الرزل يرد "العب باليه" وتتردد ضحكاته الشريرة بالتصوير البطئ فى اذن الطفل الضئيل. ظل ذلك الموقف يتكرر فى كل يوم يضطره القدر للذهاب للمدرسة.. تحولت كلمة "باليه" فى حياته إلى كابوس لا يستطيع التخلص منه، كثيرا ما اوقظته أمه من النوم وهو يردد "مش هلعب باليه مش هلعب باليه!"

تقرب إلى الله كثيرا باكيا من بؤس من عاناه فى تلك المرحلة من حياته، كان كلما سمع احدى النغمات الكلاسيكية تخايل إلى عقله راقصات باليه يرقصن فى نعومة ثم ينقضضن عليه بوحشية وعايزين يدوله بالقفا صارخات "قول إيه! قول إيه!".. لم ينسى الطفولة بذكرياتها المؤلمة حتى توصل إلى تحليل عبقرى.. وهو ان الباليه حرام لأن الله لن يصنع شيئا يزيد من آلام عبده الفقير إليه، وان راقصات الباليه كاسيات عاريات عايزين يدوا بالقفا لأى شخص معدى من قدام المسرح او فوق المسرح.. عصابة راقصة تهدف لإيذاء الجميع!

طبعا كل الموقف اللى فوق ده من خيال شخصى المتواضع وأنا اقرأ خبر طلب النائب السلفى فى جلسة من جلسات مجلس الشورى الاخيرة بمنع فن الباليه لأنه يتضمن عرى.. انا مبحبش الباليه إطلاقا مطلقا، ومش بفهمه خالص، لكنى لا اجرؤ انى اقول انه مش فن او مش فن هادف، وكان التفسير الوحيد المنطقى لكلام سيادة النائب هو الموقف اللى فوق اللى تخيلته ببراءة وانا بقرا الخبر على موقع اليوم السابع، قد يكون الخبر إشاعة مثل الإشاعات التى تُطلق منذ ان وصل التيار الإسلامى إلى الحكم.. ولكن إحتمال مصداقيته كان اكبر كثيرا من كذبه.

هل يعلم النائب كم التمارين والانظمة الغذائية التى يتبعنها راقصات فن نشر الرذيلة والفحشاء فى المجتمع المعروف بإسم فن الباليه سابقا عشان يطلعوا يأدوا رقصة كاملة مثلا؟

جرب تقف على طراطيف صوابعك طيب وتلف لفة كاملة وبعدين إرجع قولنا إحساسك كان إيه،

المشاكل النفسية التى يعانى منها بعض الناس ولا يستطيعوا التغلب عليها إلا بمهاجمة مواهب وفن وشغف ناس كتير بقت اوفر الصراحة! التغلب على مشاكلك النفسية بإسم الدين، وكله حرام حرام مفيش حلال برضه تقدر تتغلب عليها فى البيت او وإنت قاعد مع اصحابك بتتناقشوا، وهيبقى رأى وهنحترمه، لكن تبقى عايز تفرضها على ناس كتير لمجرد ان نظرتك لأى نوع من انواع الفن مختلفة وغريبة عن نظرة الناس الطبيعية، دى مش مشكلتنا إطلاقا!

بس ايا كانت المشكلة إيه الحل موجود؛
39 ش الإمام على – ميدان الإسماعيلية خلف السلام شوبنج سنتر – مصر الجديدة
المواعيد: يوم الخميس والسبت من 12 الضهر لـ12 مساءا،

عنوان عيادة الدكتورة منال عمر، دكتورة الطب النفسى.. إنجوى!

ملحوظة: نشر هذا المقال فى العدد 20 من مجلة 7 ايام.

2 comments:

  1. gamila awi bgd .. keep it up =))rbna y7emeky

    ReplyDelete
  2. جميل المقال ده وعشان كده عملت التدوينه دي
    عشان الخيال الخصب
    #العب_باليه : صور حركت رقص باليه في كل مكان
    http://arabic-content.blogspot.com/2014/04/dance-everywhere.html

    ReplyDelete